إمضاء للمسبّبات ، كقوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) ( 1 ) و ( تجارَةً عَنْ تَراض ) ( 2 ) ( 3 ) . وفيه : أنّ العقد مأخوذ من العقدة المعبّر عنها بالفارسيّة ب « گِرِهْ » بمعنى المعاهدة ، وهي معنىً حاصل بالإيجاب والقبول ، فالإيجاب والقبول ممّا يعقد بهما لا أنّهما نفس ذلك ، ولَعَمْر الحقّ إنّه واضح لا ارتياب منه . ثمّ إنّه بعدما عرفت : أنّ العمومات والمطلقات منزّلة على إمضاء المسبّبات ، فمقتضى عمومها وإطلاقها إمضاء كلّ فرد من أفراد المسبّب في العرف والعقلاء ، فلو شكّ في اعتبار شيء فيه ، فيرفع اليد عنه بالعموم والإطلاق ، ومُقتضى إمضاء المسبّب مطلقاً ، إمضاء كلّ سبب يُتسبّب به في العرف إليه ; بداهة أنّ إنفاذ المسبّب أينما وجد ، مرجعه إلى إنفاذ كلّ سبّب يُتسبّب به إليه في العرف ، وإلاّ كان إطلاق دليل المسبّب مقيّداً بغير ذلك السبّب الذي يُدّعى عدم إمضائه ، وبذلك يرفع اليد عن اعتبار شيء في ناحية السبب . وبالجملة : لا إشكال في أنّ إمضاء المسبّب مطلقاً إمضاء للسبب كذلك ، فكما أنّه لو شكّ في اعتبار شيء في ناحيّة المسبّب ترفع اليد عنه بإطلاق الدليل ، فكذلك ترفع اليد بذلك الدليل ; لو شكّ في اعتبار شيء في ناحيّة السبب ، فإطلاق الدليل في ناحيّة المسبّب يكفي لدفع الشكّ في ناحية السبب . وهذا ممّا لا إشكال فيه ، كما قرّبه المحقّق العراقي أيضاً ( 4 ) ، فلاحظ .
1 - البقرة : 275 . 2 - النساء : 29 . 3 - بدائع الأفكار 1 : 141 . 4 - قلت : فإنّه ( قدس سره ) بعد أن صرّح : أنّ التحقيق يقتضي أنّ إمضاء كلٍّ من السبب والمسبّب يرفع الشكّ من الناحية الاُخرى ، قال : أمّا كون إمضاء المسبّب يستلزم إمضاء السبّب ، فتقريبه من وجوه ، فقال في الوجه الذي عوّل عليه : إنّ الدليل الذي دلّ على إمضاء المسبّب ، مثل قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) - بما أنّه قد دلّ بإطلاقه على إمضاء كلّ فرد من أفراد المسبّب في العرف - يكون دالاًّ بالملازمة والاقتضاء على إمضاء كلّ سبب يُتسبّب به في العرف إليه ، وإلاّ كان إطلاق دليل المسبّب مقيّداً بغير ذلك السبب ، الذي يُدّعى عدم إمضائه ، أو لا يكون له إطلاق فيما لو شُكّ في إمضاء سبب من أسباب ذلك المسبّب ، وهو على كلا طرفي الترديد خلاف الفرض ( أ ) ، انتهى . المقرّر ( أ ) - بدائع الأفكار 1 : 142 .