السابق ; بما لم يتمّ عندنا في هذه الدورة . وحاصل ما ذكرناه سابقاً : هو أنّه يمكن تصوير التبادر وصحّة السلب بأنّ الوضع في مثل أسماء الأجناس يمكن أن يكون خاصّاً والموضوع له عامّاً ، وذلك فإنّ من عثر على حنطة خاصّة - مثلاً - يضع اللّفظة لطبيعيّ تلك الحنطة ، وكذا من اخترع شيئاً يضع اللّفظ لطبيعيّ ذلك الشيء ، وهكذا جرى ديدن العقلاء في تسميتهم عند وقوفهم على الأشياء ، أو اختراعهم الصنائع تدريجاً . وبالجملة : حيث يكون وضع اللُّغات في جميع الألسنة - كما أشرنا في محلّه ( 1 ) - تدريجيّاً حسب احتياجاتهم ، يقرب أن يكون ذلك من قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ; بالمعنى الذي أشرنا إليه ; ولعلّه يذعن لذلك اللّبيب إذا تأمّل واستعلم باطن سرّه ووجدانه . فإذاً كما يصحّ وضع لفظة « الحنطة » لطبيعيّها عند الظفر بحنطة ، فكذلك يصحّ وضع تلك اللّفظة لصنف خاصّ من تلك الطبيعة ، وواضح أنّ وضعهم الألفاظ لطبائع الأشياء عند الظفر بها ، لم يكن بعد معرفتهم بحقائق تلك الطبائع بأجناسها وفصولها ; لأنّها لم تَتَيَسّر إلاّ للأوحدي منهم ، بل يكفي في وضع لفظ لطبيعة ونفس الجامع تصوّره إجمالاً وارتكازاً ، فعلى هذا فلنا أن نقول : يمكن الصحيحي ادّعاء أنّ المتبادر من لفظة « الصلاة » - مثلاً - معنىً ارتكازيّاً إجماليّاً لا ينطبق إلاّ على الأفراد الصحيحة ، ويصحّ سلبها عن الفاسدة . ولكنّ الذي اختلج ببالنا في هذه الدورة : هو أنّه لا يكاد ينفع ذلك في دفع الإشكال ; لأنّ انطباق الطبيعة على تمام أفرادها قهريّ ، فلو أُريد عدم انطباق الطبيعة إلاّ على بعض الأفراد ، فلابدّ له إمّا أن تقيّد الطبيعة بقيد أو قيود ; بأن تقيّد ماهيّة