الموضوع له من اللّفظ مقدّم على فهم اللازم من اللّفظ ، فكيف يكون معرَّفاً بما يكون معرَّفاً به ؟ ! للزوم الدور . فظهر من جميع ما ذكرنا : أنّه يصحّ دعوى انسباق العناوين المتأخّرة عن المعنى الموضوع له ، ولا يمكن تبادرها في رتبة الجهل بالمعنى الموضوع له . فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ ما قاله المحقّق الخراساني ( قدس سره ) : من عدم منافاة تبادر المعاني الصحيحة من ألفاظ العبادات مع كونها مجملات ، غيرُ وجيه ; لما أشرنا : من أنّه لا يصحّ أن تبيّن معانيها بالعناوين المتأخّرة عنها . هذا كلّه في التبادر . وأمّا صحّة السلب : فكذلك ; لأنّ سلب شيء عن شيء يحتاج إلى تصوّر الموضوع ، كما يحتاج إليه في ثبوت شيء لشيء ، ولا يمكن سلب نفس الصلاة وذاتها عن الصلاة الفاسدة ، مع كونها حسب الفرض مجهولة الكُنه غير معلومة المعنى ، وأمّا سلبها عنها بمعرِّفيّة بعض تلك العناوين - كعنوان الناهي عن الفحشاء - وإن كان يصحّ ، إلاّ أنّها غير مفيدة ; لأنّ معناها أنّ الصلاة الناهية عن الفحشاء ليست بفاسدة ، وهذا واضح لا يقبل الإنكار ، والأعمّي أيضاً يقول به . وبالجملة : يدور أمر صحّة السلب بين كونها غير ممكنة وبين كونها غير مفيدة ; لأنّه لو أُريد نفي ماهيّة الصلاة ومعناها فلا يمكن ; لكون المعنى حسب الفرض مجهولاً ، فما لم يُتصوّر الشيء لا يمكن سلبه عن شيء ولا إثباته له ، وإن أُريد نفي الماهيّة بمعرِّفيّة أحد العناوين فلا يفيد ; لأنّ الأعمّي أيضاً يعترف بأنّ الصلاة المعرَّفة بتلك العناوين مسلوبة عن الفاسدة ، بل يصحّ أن يقال : إنّ الصلاة الفاسدة مسلوبة عن الصلاة الصحيحة . هذا كلّه في أصل الإشكال . ولكن قد تفصّينا عن الإشكال في تبادر الصحيح وصحّة السلب عن الفاسد في