يصحّ للعبد الاحتجاج على مولاه بما أخذ في ظاهر كلامه ، بعد الفحص واليأس من اعتبار قيد زائد على العنوان المأخوذ ، وحيث لم يكن للمولى بيان بالنسبة إلى اعتبار القيد الزائد ، فالأصل يقتضي عدم اعتباره . وبالجملة : أنّ الأوامر - على الأعمّي - متعلّقة بنفس العناوين ، ولا ينافيها تقييدها بقيود منفصلة ، كما قُرّر في محلّه ، فإذا ورد مطلق في مقام البيان نأخذ بإطلاقه ما لم يرد مقيّد ، ونحكم بصحّة المأتي به عند الشكّ في اعتبار قيد فيه . وممّا ذكرنا ظهر ضعف ما توهّم : من أنّ المطلوب هو عنوان الصحيح أو ما يلازمه ، فلابدّ من إحرازه ولو على الأعمّي . توضيح الضعف : هو أنّه وإن لم يتعلّق جِدّ المولى بغير الصحيح ، ولكن لا حجّة للمولى على عبده بالنسبة إلى القيد الزائد ، بل للعبد حجّة عليه . وبعبارة أُخرى : الأمر والبعث على الأعمّي لم يتعلّق ولم ينحدر إلى عنوان الصحيح أو ما يلازمه ، بل بنفس العنوان ، فمع تحقّق العنوان - إذا كان المولى في مقام البيان - نأخذ بإطلاقه ما لم يرد له قيد . هذا في الموضوعات العرفيّة مُسلّم لا إشكال فيه ، فكذلك في الموضوعات الشرعيّة ، فللأعمّي أن يتمسّك بما أخذه الشارع في لسان الدليل لنفي ما لم يكن دخيلاً في تحقّق المسمّى . مثلاً : إن علم أنّ الصوم - مثلاً - هو الإمساك عن عدّة أُمور من زمان إلى زمان مع قصد القربة ، ولكن شكّ في مفطّريّة مطلق الكذب - مثلاً - إيّاه ، فيمكنه التمسّك بإطلاق قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ . . . ) ( 1 ) لنفيه . وأمّا الصحيحي فلا يمكنه ذلك ; لأنّ احتمال اعتبار أمر فيه يؤدي إلى الشكّ في