على ما طهّرتْه الشمس . . . وهكذا ، فتكون تلك المسائل ممّا يتعلّق بعمل المكلّف ( 1 ) . ولا يخفى أنّ تعلّق أمثال هذه المسائل بعمل المكلّف إنّما هو من جهة الأغراض والفوائد المترتّبة ، والملاك كلّ الملاك في كون مسألة من مسائل علم الفقه هو أن تتعلّق بعمل المكلّف نفسه ، لا أن تكون نتيجة المسألة والغرض منها المكلّف ، وكم فرق بينهما ، وإلاّ يمكن أن يقال : إنّ موضوع جميع العلوم أمر واحد ، وهو انكشاف الأشياء لدى الشخص ; لكونه غاية كلّ علم ، وهو كما ترى ، فتأمّل . ولعلّ سرّ تعبيرهم عن موضوع علم الفقه بعمل المكلّف : هو ما رأوا من أنّ أكثر مسائل علم الفقه تتعلّق بعمل المكلّف ، كالصلاة والصوم والزكاة والحجّ . . . إلى غير ذلك ، ولم يتفطّنوا إلى أنّ الالتزام بذلك يوجب خروج كثير من المسائل - التي أشرنا إلى بعضها - من علم الفقه ، والالتزامُ بكونها مسائل استطراديّة غيرُ وجيه ; بداهة كونها من مسائل علم الفقه . وبما ذكرنا تعرف : أنّ التزامهم في موضوع علم الفقه - بلحاظ إدخال بعض المسائل فيه - أنّه عبارة عن عمل المكلّف من حيث الاقتضاء والتخيير ( 2 ) ، غير وجيه أيضاً ; لاستلزامه خروج كثير من المسائل الفقهيّة عنه ، ككثير من مسائل الضمانات والأحكام الوضعيّة . . . إلى غير ذلك . فتحصّل : أنّه لا موجب للالتزام بوجود موضوع واحد لكلّ علم ، حتّى يتكلّف في إثباته ، ويلتزم بكون جملة من مسائله استطراديّة ، وغاية ما يجب الالتزام به : هو وجود ارتباط وسنخيّة في أكثر مسائل العلم بعضها من بعض في تحصيل غرض واحد سنخيّ لا شخصي ; من دون احتياج إلى وجود موضوع للعلم ، فضلاً عن وحدته .