التوليديّة ، فكلّ مورد يكون الفعل الاختياري تمام العلّة أو الجزء الأخير لحصول أثر ، فبابه باب المسبّبات التوليديّة ، وأمّا إذا لم يكن كذلك ، بل كان حصول الأثر متوقّفاً على مقدّمات ، فيكون من باب الدواعي ، وقد عرفت إمكان تعلّق إرادة الفاعل بما كان من المسبّبات التوليديّة ، وعدم إمكان تعلّقها بما كان من الدواعي . فبعدما تمهّد لك ما ذكرنا نقول : إنّ ملاكات الأحكام من قبيل الدواعي - لا المسبّبات التوليديّة - لأفعال العباد ، ويدلّ عليه عدم وقوع التكليف بها في شيء من الموارد ; من أوّل كتاب الطهارة إلى آخر كتاب الديات ، وليست الصلاة والصوم والزكاة بأنفسها ، عللاً لمعراج المؤمن والجُنّة من النار ونموّ المال ، بل تحتاج إلى مقدّمات أُخر من تصفيّة الملائكة وغيرها ، حتّى تتحقّق تلك الآثار ، كما يدلّ على ذلك بعض الأخبار ( 1 ) . وعليه فقد ظهر لك أنّ ملاكات الأحكام لم تكن من الأسباب التوليديّة ، فلا يصحّ تعلّق التكليف بها ; لا بأنفسها بأن يقال : « أوجد معراج المؤمن » - مثلاً - ولا بأخذها قيداً لمتعلّق التكليف ; بأن يقال : « أوجد الصلاة المقيّدة بكونها معراج المؤمن » ; إذ يعتبر في التكليف أن يكون المكلّف به بتمام قيوده مقدوراً عليه ، والملاكات ليست كذلك ، فإذا لم يصحّ التكليف بها بوجه من الوجوه ، لم يصحّ أن تكون هي الجامع بين الأفراد الصحيحة للصلاة ، ولا أخذها معرِّفة وكاشفة عن الجامع ; بداهة أنّه يعتبر في المعرِّف أن يكون ملازماً للمعرَّف بوجه ، وبعد ما لم تكن الملاكات من المسبّبات التوليديّة ، لا يصحّ أخذ الجامع من ناحيّة الملاكات ( 2 ) . انتهى . وفيه : بعد الغضّ عن بعض ما يرد على كلامه ( قدس سره ) - ولكونه خارجاً عمّا نحن بصدده - أنّه لو سُلّم أنّه لا يصحّ التكليف بملاكات الأحكام ; لا بنفسها ، ولا بأخذها
1 - اُنظر وسائل الشيعة 4 : 866 ، كتاب الصلاة ، أبواب أعداد الفرائض ، الباب 30 ، الحديث 4 . 2 - فوائد الأُصول 1 : 67 - 72 .