استعملت في المعاني الواقعيّة فظاهر أنّه يُفهم منها معنىً ، مع أنّ لازم ما ذكره هو أن لا يُفهم منه معنىً . وثالثاً : أنّه يلزم على ما ذكره أن يكون أمر جميع الاستعمالات مردّداً بين كونها استعمالاً مجازيّاً أو غلطاً ، ولا يلتزم به ; وذلك لأنّه بعد أن يرى أنّ كلاً من « زيد » و « قائم » - مثلاً - وضع للمعنى النفس الأمري ، فاستعمال هما في جملة « زيد قائم » : إمّا في المعاني الواقعيّة ، أو لم يستعملا في ذلك . فعلى الأوّل : يلزم أن تكون النسبة التي وعاؤها الذهن ، موجودة في الخارج بتبع الطرفين ومتقوّمة بالخارج ، وذلك غير معقول ، ولو استعملت النسبة في النسبة الواقعيّة ، لكان استعمالاً في غير ما وضع له من غير تأوّل وادّعاء ، فيكون الاستعمال غلطيّاً ، ويترتّب عليه المحذور الذي ذكره . وعلى الثاني : - أي على تقدير عدم استعمال المفردات في المعاني الواقعيّة - يلزم في جميع الاستعمالات : أن تكون استعمالاً في غير ما وضع له ومجازاً ، ولم يلتزم ( قدس سره ) به . نعم يمكن أن يقال : إنّ النسبة الموجودة في القضيّة إنّما هي بين لفظي المسند والمسند إليه المتلفّظين ، فيصحّ قيامها بالصورة الموجودة في الذهن ، لا المسند والمسند إليه الواقعيّين . لكنّه يرد عليه : أوّلاً : أنّ هذا خلاف البداهة والوجدان ، فإنّ من يقول : « زيد قائم » يريد حكاية كلٍّ من الطرفين والنسبة عن الواقعيّات . وثانياً : أنّه يلزم لَغْويّة وضع الألفاظ للمعاني الواقعيّة ، فإنّه على هذا لم تستعمل الألفاظ في معانيها الواقعيّة أصلاً ، مع أنّ الوضع لغرض الإفادة والاستفادة . والذي يمكن أن يقال في حلّ المسألة : هو أنّ منشأ ما توهّمه هو تخيّل أنّه لابدّ في استعمال اللّفظ في المعنى من وجود معنىً أوّلاً ; ليلصق اللّفظ به ، أو يقع فيه ; قضاءً