المراد من اللّفظ هو مقوّم الدلالة الفعليّة للّفظ ، وإلاّ يكون اللّفظ صالحاً للهداية ، لا هادياً فعلاً ، ولا يخفى أنّ ما ذكره العَلَمان بهذا التقريب الذي ذكرنا لم يكن بعيداً عن الذوق ، بل يقبله ; لأنّ لفظة « عبد الله » مثلاً ; حيث إنّها مشتركة بين « عبد الله » العَلَمي والوصفي ، فبمجرّد إلقائها لا يفهم منها المعنى إلاّ بالقرينة ، فإن أُريد منها معناها الوصفي يقال : « فلان عبد الله » مثلاً ، وإن أُريد معناها الاسمي يقال : « عبد الله جاءني » مثلاً . هذا في اللّفظ المشترك ، وكذا في غير المشترك ، فالمتكلّم ب « زيد قائم » مثلاً قد يريد منه معناه الحقيقي ، وقد يتلفّظ به لمجرّد تصفية الذهن والحلقوم ، أو أراد معنىً آخر ، فبمجرّد التلفّظ ب « زيد قائم » لا يدلّ إلاّ إذا أُريد منه ; ألا ترى أنّ الألفاظ في المعاني المجازيّة ، تدلّ على غير المعاني الموضوعة لها بالإرادة ( 1 ) . إذا تحقّق لك ما ذكرنا ظهر لك وجه الضعف فيما ذكره صاحب الفصول ( قدس سره ) : من أنّ مُراد العَلَمين تحديد المعنى الموضوع له ( 2 ) ، وكذا مقالة المحقّق العراقي ( قدس سره ) ; حيث قال : إنّ الواضع اعتبر الربط بين اللّفظ والمعنى حال إرادة المتكلّم ; لما عرفت أنّهما لم يريدا بيان الموضوع له ، بل قصدا بيان دلالة اللّفظ الموضوع ( 3 ) . وأمّا ما ذكره المحقّق الخراساني ( قدس سره ) ( 4 ) ، فمضافاً إلى أنّه توجيه مبتذل يعرفه كلّ أحد لا يليق أن ينسب إلى جناب العَلَمين ، أجنبيّ عمّا هو صريح كلامهما ; لأنّ كلامهما في مقام انتقاض الدلالات الثلاث بعضها ببعض ، لا أنّ كلّ دلالة تكشف عن معنىً واقعيّ ، وهو المعنى المراد ، فتدبّر .
1 - قلت : كذا أفاد سماحة الأُستاذ دام ظلّه ، ولكن لا يخفى أنّ دلالة اللّفظ على غير معناه الموضوع له ، إنّما هو بتوسيط نصب القرينة ولو لم يرده المتكلّم ، لا على إرادته ، فتدبّر . المقرّر 2 - الفصول الغروّية : 18 سطر 1 . 3 - اُنظر بدائع الأفكار 1 : 93 - 94 . 4 - كفاية الأُصول 1 : 32 .