ثمّ استدركه ، فجعل المفرد ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه ، وأدّى ذلك إلى أن ثلّث القسمة بعض من جاء بعده ، وجعل اللّفظ : إمّا أن لا يدلّ جزؤه على شيء أصلاً ، وهو المفرد ، أو يدلّ علي شيء غير جزء معناه ، وهو معناه المركّب ، أو على جزء معناه ، وهو المؤلّف ، والسبب في ذلك سوء الفهم وقلّة الاعتبار لما ينبغي أن يفهم ويعتبر ; وذلك لأنّ دلالة اللّفظ لمّا كانت وضعيّة ، كانت متعلّقة بإرادة التلفّظ الجارية على قانون الوضع ، فما يتلفّظ به ، ويراد به معنىً مّا ، ويفهم عنه ذلك المعنى ، يقال له : إنّه دالّ على ذلك المعنى ، وما سوى ذلك المعنى ممّا لا تتعلّق به إرادة التلفّظ وإن كان ذلك اللّفظ أو جزء منه - بحسب تلك اللغة أو لغة أُخرى أو بإرادة أُخرى - يصلح لأن يدلّ به عليه ، فلا يقال له : إنّه دالّ عليه . . . إلى آخره ( 1 ) . انتهى . وقريب من ذلك كلام صاحب « حكمة الإشراق » . قلت : لا بأس بإيراد ما أفاده آية الله على الإطلاق العلامة الحلّي ( قدس سره ) في « شرح منطق التجريد » ; ليتّضح المقال وضوحاً لا يشوبه ريب ، قال - في مقام انتقاض تعريف الدلالات الثلاث « المطابقة والتضمّن والالتزام » بعضها ببعض - ما نصّه : لقد أوردتُ عليه - يعني المحقّق الطوسي ( قدس سره ) - هذا الإشكال ، وأجاب : بأنّ اللّفظ لا يدلّ بذاته على معناه ، بل باعتبار الإرادة والقصد ، واللّفظ حين ما يراد منه المعنى المطابقي لا يراد منه المعنى التضمّني ، فهو إنّما يدل على معنىً واحد لا غير ، وفيه نظر ( 2 ) انتهى . ولا يخفى أنّ من لاحظ هذه الكلمات وسبرها ، يظهر له جليّاً أنّها بصدد بيان أنّ الألفاظ التي يضعها الواضع للمعاني النفس الأمرية إنّما هي لغرض الإفادة والاستفادة ، فدلالة الألفاظ على تلك المعاني النفس الأمريّة مرهونة بإرادة المتكلّم ;