يا سائلي عنه فيما جئت تسأله * ألا هو الرجل العاري من العار لو جئته لرأيت الناس في رجل * والدهر في ساعة والأرض في دار وحيث إنَّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، وإنّ المقدّمة حيث تكون مرتبطة بأصول الفقه ينبغي الإشارة الإجماليّة إلى منهجه الشريف في علم الأُصولية وإلى بعض مبانيه فأقول وأجمل : إنَّه ( قدس سره ) كان سلس البيان ، طلق اللسان ، يبيّن ويحرّر المسائل ببيان واضح يعرفه المتوسطون من روّاد العلم ، والعالمون منهم ، بل المبتدؤون ، كلّ على حسب استعداده وكفاءته ، وكان يتعرّض لكلمات مشايخ عصره فيلقي حاصل ما هو الدخيل في فهمها ، ويحذف الزوائد وفضول الكلام ثمّ يردّ عليه ما ساقه نظره الشريف ، فأصوله مع احتوائه لكلمات أساطين الفن وكبراء القوم كان أصولا في حدّ الاعتدال ، لا مختصر مُخلّ ، ولا مبسوط مُمِلّ ، ومع ذلك حاو لعُمَد أفكار أساطين الفن بحيث يستغني المتدرّب فيه عن المراجعة إلى كتب المفصلات . وينبغي الإشارة الإجماليّة إلى بعض آرائه المُقدَّسة ، فهو ( قدس سره ) مع كونه حكيماً مُتضلّعاً ، وعارفاً كاملا ، لا يخلط مباحثه الأُصوليّة بشيء من الدقائق الفلسفيّة واللطائف العرفانيّة ، بل كان يُحذّر حاضري بحثه أن يُدخلوا المباحث العقليّة الدقيقة في المسائل الأُصوليّة المُبتنية غالباً على الأنظار والأفهام العرفية ، وبناء العقلاء وسيرتهم ، وكثيراً ما يوبّخ إدخال المسائل العقليّة في المسائل الأُصوليّة : 1 - كقاعدة الواحد ويرى أنّ إدخالها فيها ممّن لعلّه لا خبرويّة له في علم الحكمة والمعارف الإلهيّة ، ولا يدري أنّ مجرى القاعدة عند مُثبتيها إنّما هو في الواحد البسيط الحقيقي من جميع الجهات الذي لا تشوبه شائبة الكثرة لا خارجاً ولا ذهناً ولا عقلا ، لا في الواحد والبسيط الخارجي فضلا عن الواحد الاعتباري وموضوعيّة الشيء للحكم .