بذا لمفرد مُذكّر أشِرْ * بذي وذِه ، تي تا على الأُنثى اقتصرْ ( 1 ) . . . إلى آخر ما ذكره . ولعلّ هذا هو مُراد الأُدباء ، فما يظهر من بعضهم ( 2 ) : من أنّ ألفاظ الإشارة موضوعة لنفس المشار إليه ، مثلاً لفظة « هذا » موضوعة للمفرد المذكّر المشار إليه ، وضمائر الغيبة موضوعة لأفراد الغائب ; بعيد عمّا يراه العرف والوجدان . والعرف ببابك فاختبر هم ، ووجدانك والتبادر أصدقا شاهد على كلّ ما ذكرنا : من كون ألفاظ الإشارة وضمائر الغيبة ومُرادفاتها من أيّ لغة - كلفظتي « أين » و « اُو » في لغة الفرس - من سنخ واحد ، وأنّها موضوعة لنفس الإشارة ، لا للمشار إليه ، ومرجع الضمير نظير إشارة الأخرس ، والفرق بينهما إنّما هو بالحضور والغيبة . فعلى هذا تندرج ألفاظ الإشارة وضمائر الغيبة في باب الحروف ، وتدخل في عداد مفاهيمها ; من حيث عدم استقلالها في المفهوميّة والوجود . ثم إنّه ربّما يرد في المقام - مضافاً إلى ما أُورد على إيجاديّة الحروف - أمران : الأمر الأوّل : أنّ لفظتي « هذا » و « هو » في قولك : « هذا زيد » أو « هو قائم » - مثلاً - مبتدأ ، ولو كانت حرفاً لما صحّ أن تخبر عنها وتجعلها مبتدأ ومسنداً إليها ، فوقوعها مبتدأ ومسنداً إليها دليل على عدم كون « هذا » أو « هو » للإشارة التي يكون معناها حرفيّاً ( 3 ) . وفيه : أنّ المسند إليه أو المبتدأ في مثل ذلك ، إنّما هو المشار إليه بالمعنى الأعمّ الشامل لمرجع الضمير ، ولفظة « هذا » أو « هو » للإشارة إليه ، نظير إشارة الأخرس ، فكما أنّ إشارة الأخرس - عند الإشارة إلى شيء والإخبار عنه - لم تكن مسند إليه ،
1 - شرح ابن عقيل 1 : 130 . 2 - تقدَّم تخريجه . 3 - مقالات الأُصول 1 : 28 سطر 21 ، نهاية الأفكار 1 : 59 .