لكن يتوجّه عليه - بعد إيكال أمر أصالة الوجود واعتبارية الماهيّة إلى فنّه ( 1 ) وأهله - أنّ النزاع المعروف ( 2 ) بين الحكماء - القائلين : بأنّ الطبيعي يتكثّر بتكثّر الأفراد ، وأنّ نسبة الطبيعي إلى أفراده نسبة الآباء إلى الأولاد ، وبين الحكيم الذي رآه الشيخ الرئيس رحمه الله في بلدة هَمَدان القائل : بعدم تكثّر الطبيعة في الخارج ، وإنّما الموجود منها في الخارج جامع وحداني يكون منشأً لانتزاع الكلي والطبيعي ، وأنّ نسبة الطبيعي إلى أفراده نسبة أب واحد إلى أولاد متكثّرة ليس نزاعاً لفظيّاً ، بل نزاعاً معنويّاً حقيقيّاً ، يفرّون الحكماء - وفي طليعتهم الشيخ الرئيس ( 3 ) - عن مقالته ، ويرون أنّ الالتزام بمقالته يستلزم محالات ، مثل أنّه لو كان الطبيعي واحداً في الخارج يلزم أن يتخلّل العدم بين الشيء ونفسه ، وأنّه لو كان موجوداً في الخارج لكان واحداً شخصيّاً ، لا طبيعة واحدة ، والطبيعة في حدّ ذاتها غير مقيّدة بالوحدة والكثرة ، فاتّصافها بالوحدة في قولهم : « طبيعة واحدة » لم يُرد بها الوحدة الشخصيّة ، بل المراد الوحدة النوعيّة ، يقال ذلك قبال الطبائع الأُخر . فإذاً الطبيعي موجود في الخارج بوجود الفرد ، ومتكثّر بتكثّر أفراده ، ولذا يقال : الحقّ أنّ وجود الطبيعي بمعنى وجود أفراده ( 4 ) . ولا يكاد ينتزع الجامع من الأفراد الخارجيّة ; لعدم نيل الذهن للخارج ، ومعنى تعقّل الجامع وتصويره : هو أنّ النفس تتصوّر مفهوماً من زيد الموجود في الخارج - مثلاً - ولها أن تجرّد ذلك المفهوم عن الخصوصيّات ، ثمّ إذا لاحظت عمراً تأخذ منه أيضاً مفهوماً ، فإذا جرّدته عن الخصوصيّات ترى أنّ المفهوم من عمرو - بعد التجريد -