من الالتزام بذلك ; ضرورة أنّ القوانين والأحكام المجعولة للزواج والملك والأنظمة وغيرها ، باقية ببقاء الاعتبار ، فمع انعدام المُعتبرين ومناشئ اعتبارها لم يكن لها تحقّق ، كما أنّ اللّغات والألسنة المتروكة البائد أهلها منقرضة معدومة ، وليس لها أثر في الخارج والذهن ، نعم القوانين العلميّة التي لها موازين واقعيّة كشف عنها العلم ، كقانون الجاذبة وأوزان الأجسام ومسير النور . . . إلى غير ذلك ، لا تنعدم بانعدام المستكشفين ، كما لم يكن وجودها رهن استكشافهم . وبالجملة : فرق بين مثل قانون الجاذبة وبين الأُمور المجعولة ، فقانون الجاذبة له واقع كُشف عنه أم لم يكشف ، بخلاف المجعولات ، كما لا يخفى على الفطن . ثمّ إنّه بعدما أحطّتَ خُبراً بما ذكرنا : من أنّ الوضع : عبارة عن جعل اللّفظ علامة للمعنى ، يظهر لك أنّه لا معنى لتقسيم الوضع إلى التعييني والتعيّني ( 1 ) ، بل له قسم واحد وهو الذي جعله الواضع علامة ; لدوران الوضع مدار الجعل ، وهو مفقود في الوضع التعيّني . نعم ، يمكن تقسيم الربط الاعتباري واختصاص اللّفظ بالمعنى ; لأنّ الربط واختصاص اللّفظ بالمعنى : تارة يحصل بالوضع والتعيين وأُخرى بكثرة الاستعمال والتعيّن ، فإذاً للارتباط والاختصاص سببان : إمّا الوضع ، أو كثرة الاستعمال . الجهة الثالثة : في أثر الوضع هل الواضع بوضعه اللّفظَ للمعنى يوجِد صفة حقيقيّة للّفظ ، أو أمراً قائماً بنفس اعتبار الواضع ، أو شيئاً ثالثاً متوسّطاً بينهما ؟ وجوه : قد عرفت في الجهة السابقة : أنّ الوضع عبارة عن جعل لفظ علامةً للمعنى ،