ولكن فيه : أنّها لا تتوقّف على ثُبوتها ، بل يجري البحث فيها وإن قلنا بثبوت هذه المعاني في الأُمم السابقة ، وعند العرب في ابتداء البعثة ; لأنّه يصحّ أن يقال : إنّهم هل وضعوا ألفاظ « الصلاة » ، و « الصيام » ، و « الزكاة » ، و « الحجّ » ، وغيرها لما تكون صحيحة عندهم ، أو للأعمّ منها ومن الفاسدة ، والشارع الأقدس أمضى ما هم عليه ؟ وبهذا يظهر : أنّ هذا البحث غير مخصوص بما يرتبط بالشريعة والدين ، بل يعمّ الأشياء والأُمور العاديّة ; لأنّه يمكن أن يبحث أنّ لفظة « البطيخ » - مثلاً - هل وضعت للصحيح منها أو للأعمّ منها ومن فاسدها ؟ وعدم تعرّضهم لغير ما يرتبط بالشريعة المقدّسة ، إنّما هو لأجل أنّه لا يترتّب عليه ثمرة مهمّة . بل يمكن البحث في هذه المسألة ولو لم تثبت الحقيقة اللُّغويّة ; بأن يقال : إنّ ما استعملت فيه تلك الألفاظ مجازاً هل هي الصحيحة أو الفاسدة ، فتدبّر . الجهة الثانية في عقد عنوان المبحث على مذاق القوم بعدما عرفت عدم تفرّع هذه المسألة على مسألة ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، بل ولا على ثبوت الحقيقة اللغويّة . نقول : قد عنون بعضهم - كشيخنا العلاّمة الحائري ( قدس سره ) - المبحث : بأنّه هل ألفاظ العبادات موضوعة بإزاء خصوص الصحيحة أو الأعمّ منها ومن الفاسدة ( 1 ) ؟ لكنّه تقدّم منّا : أنّ الوضع لا يكون إلاّ تعيينيّاً ، وأمّا الارتباط الحاصل بين اللّفظ والمعنى بكثرة الاستعمال - إلى أن استغنى عن القرينة - فلم يكن وضعاً . وبالجملة : الوضع التعيّني ليس بوضع حقيقة ، فعلى هذا يخرج عن محلّ البحث