الصورة الثانية صورة العلم بنقل اللّفظ من معناه الحقيقي وهي على قسمين أيضاً : فتارة : يعلم أنّ اللّفظ في السابق كان موضوعاً لمعنىً ، ثمّ نقل اللّفظ من ذلك المعنى إلى معنىً آخر ، وشكّ في تقدّم الاستعمال على النقل أو تأخّره عنه . وأُخرى : يكون اللّفظ ظاهراً في معنىً فعلاً ، ولكنّه يعلم أنّ هذا المعنى لم يكن معناه في السابق ، ووقع استعمال ، ولكنّه لم يعلم أنّه استعمل في وقت كان اللّفظ ظاهراً في المعنى المنقول عنه ، أو كان ظاهراً في المعنى المنقول إليه . وفي القسمين : إمّا يكون تاريخ النقل والاستعمال كلاهما مجهولين ، أو تاريخ الاستعمال معلوماً دون النقل ، أو بالعكس ، فهناك ستّ صور . فهل يصلح أن يقال : إنّ بناءهم في جميع هذه الصور على الأخذ بما يكون ظاهراً فيه فعلاً ، إلاّ إذا ثبت خلافه وحيث لم يعلم أنّ الاستعمال كان على خلاف هذا الظاهر ، فيؤخذ به . أو يقال : إنّ بناء العقلاء دليل لبّيّ ، لا لفظيّ ليؤخذ بعمومه أو إطلاقه ، والقدر الثابت من بنائهم هي صورة الشكّ في أصل النقل ، فإذا لم يعلم أنّه حين الاستعمال كان اللّفظ ظاهراً في هذا المعنى أو ذلك المعنى ، فتكون شبهة مصداقيّة له ، فلا يؤخذ به ؟ وجهان . والظاهر عدم ثبوت بناء منهم على التعويل على أصالة عدم النقل والأخذ بالظهور ولو مع العلم بتاريخ الاستعمال ، وإن أبيت ذلك فلا أقلّ من الشكّ في بنائهم على الأخذ به ، فلم يُحرز بناؤهم فيها ; لأنّ هذه الصور المفروضة صور نادرة قلّما تتّفق في الخارج ; حتّى يمكن الاطّلاع عليه بالتبادر ونحوه .