تصوير عنوان انتزاعيّ غير ذاتيّ ، نظير عنوان العَرَض بالنسبة إلى المقولات التسع العرضيّة ، فكما أنّ عنوان العَرَض لم يكن عنواناً ذاتيّاً للأعراض ، وإلاّ يلزم انحصار المقولات العَرَضيّة ، في مقولة واحدة ، بل عنواناً انتزاعيّاً ، وهو معنى العروض ، فكذلك مفهوم الابتداء والانتهاء - مثلاً - لم يكونا عنوانين ذاتيّين للفظتي « من » و « إلى » وإلاّ يلزم تقوّمهما بذاتين : 1 - المعنى الاسمي . 2 - والربط بين هذا وذاك . وإن أبيت عن كون الوضع في الحروف عامّاً - ولا ضير فيه - فنقول : إنّ الوضع والموضوع له خاصّان ; بمعنى أنّ الواضع لاحظ معنىً جزئياً ، فوضع اللّفظ لكلّ ما يكون مثلاً له ، فتدبّر . الجهة الرابعة في دفع توهّم كون المستعمل فيه في الحروف عامّاً ربّما توُهّم : أنّ كثيراً مّا يكون المستعمل فيه في الحروف عامّاً . وقد ساقهم هذا التوهّم إلى القول : بأنّ الموضوع له في الحروف عامّ أو جزئي إضافيّ ، صرّح بذلك المحقّق الخراساني ( قدس سره ) ، فقال : التحقيق حسبما يؤدي إليه النظر الدقيق : أنّ حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما في الأسماء ( 1 ) . وذلك لأنّ الخصوصيّة المتوهّمة إن كانت هي الموجبة لكون المعنى المتخصّص بها جزئيّاً خارجيّاً ، فمن الواضح أنّ كثيراً مّا لا يكون المستعمل فيه كذلك ، بل كليّاً
1 - يعني أسماء الأجناس في كون الموضوع له والمستعمل فيه عامّين .