شخص وانتهائه منه ، فمعناهما جزئيّان ، وإلاّ فلو كان معناهما كلّيين إسميين لا يمكن أن يقع بهما الربط ، ولا يكون المعنى الاسمي جامعاً ذاتيّاً للمعنى الحرفي ، وهو واضح إلى النهاية . والحاصل : لنا مفاهيم كلّيّة ، كمفهوم الربط ومفهوم الابتداء والانتهاء . . . إلى غير ذلك ، وهذه مفاهيم اسميّة لا يقع بها الربط ، ومفهوم الربط بين هذا وذاك لا يكون كلّياً ، ولم يكن للحرف جامع ذاتيّ موجود . ولكن قد ظهر - إن شاء الله تعالى - ممّا ذكرناه في الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ : أنّه عند تصوّر المفهوم العامّ - القابل للصدق على الكثيرين - قد يوضع اللّفظ : تارة لما يكون مصداقاً بجميع خصوصيّاته ولوازمه ، فيكون الموضوع له الطبيعة الملازمة للخصوصيّات وبإلقاء اللّفظ تحضر تلك الخصوصيات ، وأخرى يوضع اللّفظ لما يكون مصداقاً ذاتيّاً للطبيعة ، وأمّا الخصوصيّات الأُخر فخارجة عن مصداقيّتها لها ، بل هي مصاديق طبائع أُخرى . كما أنّه قد ظهر لك أيضاً - بحول الله وقوّته - : أنّه لا يحتاج في الوضع إلاّ تصوّر الموضوع له بوجه ، فتصوّر الجامع الانتزاعي الاسمي يكفي لوضع اللّفظ للمعنى الحرفي . فعلى هذا يمكن أن يتصوّر الواضع مفهوم الربط والابتداء والانتهاء - مثلاً - ويضع لفظتي « من » أو « إلى » لما ينطبق عليه هذا العنوان العَرَضي ذاتاً ، دون خصوصيّة أُخرى ، وهو حيثيّة الابتداء والانتهاء ، ف « من » تدلّ على الابتداء الجزئي ، و « إلى » تدلّ على الانتهاء الجزئي . فإذاً « من » في كلّ من « سرت من البصرة » و « سرت من المدينة » و « سرت من طهران » . . . وهكذا ، له معنىً واحد ، وهو حيثيّة الابتدائيّة ، والاختلاف والفرق بينها إنّما هو بالوجود . فظهر لك جليّاً : أنّ تصوير الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ في الحروف ، هو