ورابعاً : لو تمّ ما ذكره ( قدس سره ) فإنّه لا يوجب تقدّم المعنى على علّته بثلاث رتب ، بل برتبتين ، كما لا يخفى ، وإن كان المحذور مشكوك الورود على التقديرين . وخامساً : أنّه يمكن أن يقال - من قِبَل المحقّق النائيني ( قدس سره ) - : إنّ الحروف لا توجد الربط بين المعنيين ، وإنّما شأنها إيقاع الربط بين أجزاء الكلام ، فالهيئة - مثلاً - تُوقع الربط بين أجزاء الكلام ، فتكون متأخّرة عن أجزاء الكلام ، والارتباط من أوصافه . وبالجملة : الباب باب إيقاع الربط بين الجزئين ، فالحرف متأخّر عنهما ، يوقع الربط بينهما ، من دون أن يقع في رتبة المعنى . الإشكال الثالث : حاصله : أنّه لو كان المعنى الحرفي إيجاديّاً ، لزم أن يكون المعنى الحرفي - الذي هو من حدود المطلوب المتقدّم رتبة - في رتبة الطلب ; وذلك لأنّ لفظتي « من » و « إلى » في قولك : « سِرْ من البصرة إلى الكوفة » من حدود المطلوب ، والمطلوب متقدّم طبعاً على الطلب ، فلو كان معنى الحرف إيجاديّاً لزم أن يكون معنى « من » و « إلى » - في المثال المذكور - موجوداً حين الطلب وفي رتبته ، وباعتبار أنّ الطلب متأخّر عن المطلوب طبعاً ، ولفظتي « من » و « إلى » من حدود المطلوب ، فتكون في رتبة المطلوب ، فيلزم أن يكون معنى « من » و « إلى » - بملاحظة كونهما في رتبة الطلب - متأخّراً عن المطلوب ، وبملاحظة كونها من قيود المطلوب متقدّماً على الطلب . هذا خلف ( 1 ) . وفيه : أنّ مجرّد كون المعنى الحرفي متحقّقاً حين تحقّق الطلب ، لا يوجب أن يكون في رتبة الطلب ، فإنّ مجرّد وجود شيء حين وجود أمر غير كونه موجوداً في