يعم جميع ما كان أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ، والمفروض إن إناطة الواجب بالشرط بيد الشارع فله أن ينيطه وله أن لا ينيطه ، وأما على المسلك الأول فلا مجال للاستصحاب لان التقيد مما ليس أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ، بل هو أمر واقعي كنفس الركوع والسجود ، فباستصحاب الطهارة لا يمكن إثبات أثر التقيد إلا على المثبت ، وربما يلتزم بالاندراج ويقال لا محذور فيه عند مساعدة الدليل بالخصوص كما في مثل الوضوء والطهارة الحدثية ، أو الخبثية ، فإن تطبيق الإمام عليه السلام استصحابهما على مورد الشك فيهما يدل على حجية المثبت هنا على خلاف القاعدة أو يدعى خفاء الواسطة أو جلائها لشدة الملازمة بين الطرفين ، وهذا كما ترى إنما ينشأ من ضيق الخناق والبناء على كون الشرط عبارة عما تقيده داخل ونفسه خارج وإلا فلا تنتهي النوبة إلى هذه الدعاوي الممنوعة ، هذا كله في مقام التصور وبيان لوازم المسلكين ، وأما في مقام التصديق ، فنقول لو كان الأول حقا لزم تركب الصلاة في الأقوال والافعال والتقيد وتقييد أدلتها واطلاقاتها ، وكذا كل مشروط من الموضوعات بقيودها ورفع اليد عن إطلاقها ومحذور المثبتية للأصل الجاري في الشروط على ما فصل ، والقول بأن الطهارة مقدمة للجزء وهي في عرض الصلاة لا أنها مقدمة بنفسها كما اشتهر ، وللزم التفكيك بين شرط الوجوب وشرط الواجب ، بداهة إن الوجوب المشروط هو ذات الوجوب لا المقيد بما إنه كذلك مشروط بشئ ، فمن لزوم هذه التوالي على الأول وعدم لزوم شئ منها على الثاني ينبغي أن يعلم بحقيقته دونه ، ولعل منشأ الشبهة في إن الشروط الشرعية كغيرها من حيث إن التقيد بها داخل في المشروط هو الخلط بين اصطلاح أهل المعقول وعلم الأصول ، ومجمل القول إن النكتة الفارقة بين المسلكين من حيث جريان الاستصحاب على أحدهما دون الاخر لكونه من الأصول المثبتة ، هي إن على المسلك المختار في الشروط من جعل موضوع الحكم كالصلاة مثلا على الطهارة ومنوطة بها يعتبر العقل الطهارة مقدمة لنفس الصلاة وتكون الإناطة حينئذ بيد الشارع ، إذ له أن ينيط الموضوع بشئ وله أن لا ينيطه ، فإذا شك في الطهارة يشك في الإناطة ، فيكون الشك فقط في الإناطة ، فتوسعة الطهارة تلازم توسعة الإناطة وبعد الاستصحاب وإثبات الطهارة