جريان ما فيه مقارنا لتمامية ما في الأول ، فيكون من قبيل الشك في الحدوث لا البقاء ، لابد من ملاحظة إنه هل يمكن تصحيح الاستصحاب في هذا القسم أيضا أم لا ، فنقول إنه ينقسم إلى قسمين ( أحدهما ) أن يحتمل للمنبع عروق في الأرض لا تشتمل على الماء فعلا ، بل فيها قوة توليدية في الخارج تدريجا ، فلا يصدق الماء على ما فيها ما دام في العروق وبالتدريج يتجدد الماء ويجتمع ويوجد في الخارج ويتصف بالجريان ، كالماء الموجود أولا وفي المنبع الأول ، فحاله حال منفعة المال ، فإنها بالتدريج تصير ملكا ، فببركة استعداد الرطوبات يتجدد الماء ويخرج ويجتمع فيصير فعليا ، فهذا نحو من المنبع ، ( وثانيهما ) أن يكون المنبع الاخر مشتملا على ماء بالفعل مثل منبع الحمام بالنسبة إلى الحياض ، فإنه يكون مشتملا على ماء مغاير لما في غيره من الحياض ، وإن كان بينهما ساقية بها يتصل كل بالآخر ، ، فإن المنبع المشكوك من قبيل الثاني بأن كان مشتمل على الماء الفعلي الذي يحتمل جريانه مقارنا لنفاد الجاري مما في الأول ومتصلا به ، فالشك في الجريان بعد القطع بخروج تمام ما علم بوجوده وجريانه من المنبع الأول شك في الحدوث ، لا البقاء ، فإن ما قطع بوجوده من الماء والجريان ارتفع يقينا ، وما شك فيه لم يكن متعلقا للعلم ، فليس الشك إلا في حدوثه ، فيكون داخلا في القسم الثالث من الكلي ، فلا يكون لجريان الاستصحاب فيه مجال ، وإن كان من الأول بأن كان المنبع الأولى علة لوجود الماء وحصوله من تلك العروق الموجودة تحت الأرض والرطوبات الحاصلة المجتمعة ، وكان الماء الحاصل منه تدريجا متصفا بالجريان الفعلي متدرجا ، ثم علم بنفاد ما في المنبع المعلوم من القوة ، واحتمل بقاء الماء والجريان لاحتمال حدوث علة أخرى لحدوثه في ظرف انقطاع تأثير الأولى ، فحينئذ لا بأس بالاستصحاب لأنه لا يكون الشك في بقاء جريانه من الشك في الحدوث ، لأنه لو وجدت العلة الثانية لتولد الماء مقارنا لارتفاع الأولى ، فيكون الماء المتولد منهما واحدا بالشخص غير متعدد علته ، كهيئة الخيمة القائمة بعمود يقطع بانعدامه ومعه يشك في بقائها لاحتمال قيام عمود آخر مقام الأولى ، وقد أشرنا إلى عدم قصور في أركان الاستصحاب في هذه الصورة ، والنكتة الفارقة بين الصورة الأولى والثانية من هذا القسم إن في القسم الثاني يكون