مشغولا بقرائة السورة القصيرة ثم يشك في إن مقارن تمامها وانقطاعها شرع في سورة أخرى أم لا ، فيكون من القسم الثالث من استصحاب الكلي ، فلا يتخيل إنه لا يتصور في المقام ، ثم لا يخفى إن الكلام في استصحاب الزمان والزماني يقع في مقامات ثلاث ، ( الأول ) أن يكون نفس الزمان موردا له سواء كان بنفسه موضوعا للتكليف ، أو قيدا له ، وقد تقدم إنه يجوز استصحابه ولا يرد عليه توهم من الاشكالين المتقدمين مع جوابهما ، ( والثاني ) أن يكون المستصحب زمانيا ومما لا يوجد بتمام أجزائه في زمان واحد ، مثل جريان الماء والتكلم والحركة ، فإنها أمور تدريجية وزمانية توجد شيئا فشيئا ، وسيظهر وجه استصحابه على ما سيأتي ، ( والثالث ) أن يكون المستصحب مقيدا بالزمان ، وقد مر آنفا وجه جريان الاستصحاب فيه بتقريبات ثلاثة ( منها ) ما قلنا في استصحاب نفس الزمان من إنه لا قصور فيه من جهة انتفاء القطع بالسابق بالحدوث أو الشك في البقاء ، فيجري فيه بمفاد كان التامة أو الناقصة على التقريب الذي تقدم ، وإن الشبهة التي نشأت من جهة اختلال ركن من أركانه مندفعة بالأجوبة المتقدمة ، وأما استصحاب الزمانيات مثل حركة الماء من المنبع وحركة الدم من الرحم وجريانهما ، فيظهر وجهه بعد بيان أقسام الشك فيهما ومنشأه ، فإنه قد يشك في بقاء الجريان والحركة بالنسبة إلى بعض ما علم بجريانه من المنبع المشتمل عليه وعلى غيره لاحتمال طرو مانع عن جريان ذلك ، ففي الصورة يقطع بوجود المنبع واشتماله على غير ما علم بجريانه واستعداد الجميع للجريان كاستعداد ما جرى له أيضا ، وإنما الشك في بقاء الوصف الجزء المتصف بالجريان لاحتمال وجود مانع عنه ، وتارة يقطع أيضا بوجود المنبع وبحصول الجريان لبعض ما فيه ، وبعدم المانع عن جريان ذلك ، وإنما يشك في اتصاف البقية على استعدادها للجريان به ، لاحتمال طرو مانع عن جريانها ، والفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى ، إن في الأولى يعلم بجريان مقدار من الماء فعلا ، وإنما يشك في إنه هل طرء الحائل والمانع عن الجريان الموجود لذلك المقدار أم لا ، مثلا لو فرض إن نصف ماء الكوز أو الكأس طرء عليه الجريان ، ثم شك في بقاء وصف النصف الجاري للشك في إنه وجد حائل ومانع حتى يمنع عن جريانه أم لا ، ولولا المانع يقطع بأن الجريان موجود ، وفي الصورة الثانية بأن المقدار الذي جرى