( الثاني ) [1] قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [2] أوعد الله تعالى النار على اتباع غير سبيل المؤمنين ، والاجماع سبيلهم ، فلا يجوز مخالفته . وفيه : أن ظاهره أن اتباع السبيل الذي يقتضيه الايمان بما هو إيمان واجب كما يؤيده صدر الآية ، فإن معناه من جعل نفسه شقا آخر واتبع غير سبيل المؤمنين فعليه كذا وكذا ، فالوفاق معه صلى الله عليه وآله عبارة عن متابعة سبيلهم كما أن الخلاف معه صلى الله عليه وآله متابعة غير سبيلهم ، فيكون اتباع غير سبيل المؤمنين عبارة أخرى عن المشاقة مع الرسول صلى الله عليه وآله ، فلا تدل على اتباع ما لا يكون من مقتضيات الايمان ، بل هو أمر حادث اتفق عليه المؤمنون . وعلى تقدير الدلالة يرد عليه ما ورد على الدليل الأول من الجواب الثاني . ( الثالث ) قوله عز وجل : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر الآية [3] والخيرية تقتضي كون ما اتفقت عليه الأمة حقا . وفيه : أنه لا ربط لها بالمقام كما لا يخفى . ( الرابع ) قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [4] . وفيه : أن الظاهر أن المراد من الوسطية هو الاعتدال ، يعني جعلناكم معتدلا من بين سائر الأمم ، ولا ربط لها بحجية ما اتفقت عليه . وغيرها من الاستدلالات بالآيات ، ولكن الاستدلال بها أوهن من بيت العنكبوت لو كانوا يعلمون . فالحق أن حجية الاجماع منحصرة بما إذا كان مشتملا على قول المعصوم أو
[1] عطف على قوله مد ظله في ص 281 : " الأول : الحديث المعروف . . . الخ " . [2] النساء : 115 . [3] آل عمران : 110 . [4] البقرة : 143 .