والفصل والجنس - بقولهم : إن الأول أخذ لا بشرط ، والثاني بشرط لا - على المشتق والمبدأ . كما ترى [1] ، فإنه مصادرة ، فكأنه قيل : لم يصح حمل المشتق ولا يصح حمل المبدأ ؟ فيقال : إن الأول أخذ لا بشرط الحمل ، والثاني بشرط الحمل ، وهذا هو عين المصادرة . فالتحقيق في المعنى المراد من كلامهم أن يقال : إن المركب إما أن يكون موجودا بوجودات متعددة حقيقة أو اعتبارا ، فالأول يكون تركيبه انضماميا ويسمى مركبا حقيقيا ، وواحدا اعتباريا ، والثاني بالعكس . وبعبارة أخرى : إن كان كل واحد من الاجزاء يرى لا متحصلا وغير مستقل في الوجود ، فمركب اعتباري وواحد حقيقي كأجزاء النوع مثلا ، وإلا فواحد اعتباري ومركب حقيقي ، فالجنس أو الفصل إن كان يرى كالأول فحمل كل واحد منهما على الاخر وعلى الكل ، وحمله عليهما صحيح وإن كان يرى كالثاني فغير صحيح . وبالاعتبار الثاني يكونان مادة وصورة اللتين هما الاجزاء العقلية للنوع ، أما مادة فلكونه قابلا لان يكون انسانا مثلا ، وأما صورة فلكونه ما به الفعلية له . وبالاعتبار الأول يكون جنسا وفصلا ، ولا يكونان أجزاء للنوع ، بل حدين له ، فالأول يسمى باصطلاحهم [2] لا بشرط ، أي لا بشرط التحصل ، والثاني بشرط لا ، وهذا بخلاف تقسيمهم الماهية فإنهم قسموها أقساما ثلاثة . فإنهم قالوا : إن كانت الماهية ملحوظة بشرط أن لا يكون معها شئ وجودا وعدما فهي الماهية لا بشرط ، وإن كان معها شئ فهي بشرط شئ ، وإن كانت
[1] خبر لقوله قدس سره : ( وما في الكفاية ) . [2] أي أهل المعقول .