يلزم عدم كون العصاة مستحقين للعقاب ، وعلى الثاني يلزم تقدم العرض على المعروض [1] ، وكلاهما باطلان ، فالقول بالامتناع إن كان مستندا إلى لزوم اجتماع الضدين فقد ظهر بطلانه ، فيكون الاجتماع جوازا ومنعا تابعا لجواز الامر مع النهي ، فيجوز الاجتماع حيث يجوز الامر مع النهي ، ويمتنع حيث يمتنع . فإن كان المدعى عدم جواز الامر مطلقا مع النهي مطلقا فباطل قطعا ضرورة ملازمة بعض الأوامر مع بعض النواهي ، مثل ملازمة الامر بالشئ مع النهي عن ضده العام أو الخاص على رأي . وإن [2] كان المدعى عدم اجتماع الامر الخاص مع النهي الخاص نقول : القدر المسلم من الامتناع ما إذا تعلق النهي بعين ما تعلق به الامر في زمان واحد ، وغير هذه الصورة عين المدعى . ( إن قلت : ) الامر وإن تعلق بالطبيعة دون الافراد إلا أنها تسري إليها ليكون الفرد متعلقا للبعث والزجر ليجتمع الضدان . ( قلت : ) الطبيعة وإن كانت تسري إلى الافراد ، إلا أن الامر لها لا يسري إلى خصوصيات الافراد ، فلعل هذا منشأ توهم من ذهب إلى الامتناع مع ذهابه إلى تعلق الاحكام بالطبائع . مثلا الامر بإتيان إنسان لا يسري إلى خصوصيات موجودة في أفراده كزيد وعمرو وبكر وغيرها من الافراد ، وإن كان نفس ( انسان ) ساريا إليها بحيث كلما أتى بواحد صدق أنه أتى ( بانسان ) هذا . مضافا إلى أن معنى الاطلاق على ما مر وسيجئ أيضا إن شاء الله تعالى : أن متعلق الامر مرسل من التقيد بالخصوصيات الفردية لا أن الطبيعة تكون مرآة للافراد كي ينحل الأمر والنهي إلى أوامر ونواهي ، فحينئذ معنى كون الامر متعلقا
[1] مع أنه على رأي المتأخرين من الطبيعيين وجود العرض عين وجود المعروض . ( المقرر ) . [2] عطف على قوله مد ظله : ( فإن كان المدعى ) .