الداعي يمكن التمسك بالاطلاق عند الشك ويجري البراءة عند عدم اجتماع شرائط الاطلاق ، وأما بناء على عدم إمكانه فلا مجال لواحد منهما لكونه غير مجعول ليكون قابلا للرفع والوضع - غير جارية كما سأنبه عليه إن شاء الله تعالى في موضعهما . تذنيب لا دلالة للامر على المرة ، سواء كانت بمعنى الفرد أو الدفعة ، وسواء كان الزائد على المرة بكلا المعنيين امتثالا أم لا . ولا على التكرار ، سواء كان المراد أول مراتبه ، وهو الفردان أو الدفعتان على اختلاف معنى المرة ، أم أكثر مراتبه بمعنى إتيانه ما دام مقدورا . بل يدل على طلب الطبيعة التي تتحقق بأول فرد من الافراد ، ولا إشكال في عدم كون الفرد الثاني امتثالا أيضا لسقوط الامر بالأول ، فلا يعقل ثانيا . وهل تعد الافراد المأتي به دفعة امتثالا متعددا أم واحدا أو هو تابع لقصد الممتثل ؟ وجوه أقواها الأول . ووجه الثاني أن المميزات الفردية والخصوصيات لا دخل لها في تحققه ، بل هر كالحجر المنضم بجنب الانسان ، فبعد إلغائها تبقى الطبيعة ، وهي واحدة لا تعدد فيها .
ثم إنه لا أظنك أن تتوهم وتقول : إن أدلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار وإن كان قضية الاشتغال عقلا هو الاعتبار لوضوح أنه لا بد في عمومها من شئ قابل للرفع والوضع شرعا وليس هاهنا ، فإن دخل قصد القربة ونحوها في الغرض ليس بشرعي بل واقعي ، ودخل الجزء والشرط فيه وإن كان كذلك الا انهما قابلان للوضع والرفع شرعا ، فبدليل الرفع - ولو كان أصلا - يكشف أنه ليس هناك أمر فعلي بما يعتبر فيه المشكوك يجب الخروج عن عهدته عقلا بخلاف المقام فإنه علم بثبوت الامر الفعلي كما عرفت ، فافهم . ( ج 1 ص 114 - 116 ) .