إن قلت : هذا الأخير مناف لما سبق منك من كون الرجحان الديني أو الدنيوي شرطا في انعقاد النذر ، والمفروض أن الصوم في السفر ليس من البر كما في الخبر ، وكذا الاحرام قبل الميقات كالصلاة قبل الوقت كما ورد في الخبر ، فكيف يمكن إثبات صحتهما بالدليل ؟ قلت : ما ذكرنا إنما هو في مقام الاثبات ، وأما في مقام الثبوت فيمكن أن يخصص دليل النذر . ويحتمل وجود عنوان آخر حين تعلق النذر كان هو راجحا ذاتا . ويحتمل أن يصير الدليل كاشفا عن كونه راجحا ذاتا ، هكذا أفاده بعض الأعاظم قدس سره [1] في مقام الجواب . ويرد على الأول أن المفروض أن المنذور في المثالين عبادة ، وتخصيص دليل النذر خلاف الفرض ، وصيرورتهما كذلك بتعلق النذر موجب للدور الذي قد سبق بيانه في اعتبار قصد القربة . وعلى الثاني أنه كيف يصير العنوان الغير المعلوم داعيا للمكلف إلى فعل المأمور به ولا بأس بالثالث ؟ التاسع هل يمكن التمسك بالعام في إثبات أنه ليس من أفراده بقرينة خروجه عنه حكما أم لا ؟ فهل يمكن إثبات أن زيدا ليس بعالم لخروجه ، عن وجوب الاكرام المستفاد من قوله : ( أكرم كل عالم ) أم لا ؟ وأما إثبات أنه عالم فلا شبهة في عدم صحته لان العام لا يكون محققا لموضوعه .
[1] وهو شيخ المتأخرين عنه في تحقيق القواعد الأصولية المحقق ملا محمد كاظم الخراساني قدس سره .