تفسيره بفهم الأشياء الدقيقة [1] . وعن بعض الفضلاء [2] أنّه : التوصّل إلى علم غائب بعلم شاهد ، والظاهر أنّ مراده العلم الحاصل بطريق النظر ، مع احتمال اختصاصه بالعلم التصديقي كما هو الظاهر ، فيكون المراد بالعلم الشاهد خصوص الحجّة ، أو عمومه للعلم التصوّري ، فيراد بالعلم الشاهد ما يعمّ المعرِّف أيضاً ، وقوّة الظنّ بل الجزم في جانب الأوّل ، وعلى طبقه ورد استعمالات الكتاب والسنّة على حدّ الكثرة . منها : قوله عزّ من قائل : ( لا يكادون يفقهون قولا ) [3] وقوله أيضاً : ( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) [4] وقوله ( عليه السلام ) : أنتم أفقه الناس - إلى - عرفتم معاني كلامنا . . . الخ . وأمّا التفاسير الأُخر المتضمّنة للخصوصيّات المعلومة فإن رجعت إلى الأوّل بدعوى : ورودها لإرادة المثال من دون إرادة مدخليّة الخصوصيّات في المسمّى اللغوي فهو ، وإلاّ فلا يلتفت إليها . وأمّا " الفهم " : فهو أيضاً ممّا اختلفت كلمتهم في تفسيره ، فمنهم من فسّره بالإدراك المطلق ، المتناول لكلٍّ من التصوّر والتصديق ، وهو المتبادر من إطلاقاته الجارية على لسان العرف كما يظهر للمتتبّع . ومنهم من فسّره بالعلم ، ولعلّه راجع إلى الأوّل ، لاحتمال إرادة ما يعمّ التصوّر من العلم وإن كان خلاف الظاهر . ومنهم من فسّره بجودة الذهن من حيث استعداده لاكتساب المطالب من المبادئ .
[1] الفقه في اللغة فهم ما دقَّ وغمض . شرح اللمح ( 1 : 157 ) - شرح اللمع للشيخ أبو إسحاق الشيرازي وهو إبراهيم بن عليّ بن يوسف ، جمال الدين الشيرازي . أحد أعلام الشافعيّة ، من أهمّ مؤلفاته في الأُصول " اللمع " وشرحه ، والتبصرة . توفّي سنة 476 ه . ( أُنظر : وفيات الأعيان 1 / 9 - شذرات الذهب 3 / 349 ) . [2] حكى في الفصول عن مفردات الراغب : 1 . [3] الكهف : 93 . [4] الإسراء : 47 .