بكلا قسميه باطل ، لبطلان المجاز بلا حقيقة في هذه الألفاظ على جميع الأقوال في المجاز بلا حقيقة ، وبطلان الواسطة بين الحقيقة والمجاز هنا ، فكذا الملزوم . ومنها : لزوم خروج معاني الحروف الّتي اتّفق النحاة على كونها غير مستقلّة إلى المعاني الاسميّة الّتي اتّفقوا على كونها مستقلّة ، لو كانت الحروف موضوعة للمفاهيم الكلّية ، كمفهوم الابتداء والانتهاء والاستعلاء ، دون الجزئيّات لوضوح استقلال تلك المفاهيم ، ولزوم عدم انقسام الكلمة إلى الثلاثة الّذي يدور مع استقلال معانيها وعدم استقلالها ، لأنّ الوضع للمفاهيم الكلّية يوجب الاستقلال في الجميع ، وهذا خلاف ما اتّفق عليه النحاة . ويزيّفهما : أنّ مناط الفرق بين المعاني الأسميّة والمعاني الحرفيّة وإن كان هو الاستقلال وعدم الاستقلال ، إلاّ أنّ المدار في الاستقلال وعدمه ليس على كلّية المعنى وجزئيّته ، ضرورة أنّ الكلّية لا تلازم الاستقلال والجزئيّة لا تلازم عدم الاستقلال ، كيف وكما أنّ " الابتداء " الكلّي مثلا أمر مستقلّ فكذلك " الابتداء " الجزئي أيضاً أمر مستقلّ . غاية الأمر أنّ الأوّل عبارة عن الماهيّة الملحوظة من حيث هي ، والثاني عن الماهيّة الملحوظة من حيث الوجود والتشخّص . ولا ريب أنّ انضمام الوجود والتشخّص إلى الماهيّة لا يخرجها عن الاستقلال ، ولا يجدي في خروج الجزئي عن الاستقلال أن يؤخذ معه قيد حيثيّة كونه آلة ومرآةً لملاحظة حال الغير ، لأنّ " الابتداء " بنفسه وطبيعته حالة في غيره سواء أُعتبر كلّياً أو جزئيّاً ، لأنّه عبارة عن كون شئ - كالبصرة - محلاّ للابتداء بشئ آخر كالسير ، ومن المستحيل كون شئ حيثيّة في نفسه ، مع أنّه لو قضي ذلك في الجزئي بعدم الاستقلال لقضى به في الكلّي أيضاً ، لأنّ المفروض اعتبار الكلّي في الوضع عنواناً لملاحظة الجزئيّات ، فلا يدخل فيها قيد حيثيّة الآليّة والمرآتيّة إلاّ باعتبار لحوقه بالكلّي الملحوظ عنواناً لملاحظتها ، فلابدّ أن يقال : إنّ الواضع تصوّر " الابتداء " الكلّي من حيث إنّه آلة لملاحظة حال الغير ، ثمّ وضع اللفظ