ومنها : الفرق بين الكلّيات فللماهيّات ، والجزئيّات فللخارجيّة . ومنها : الفرق بين الجزئيّات الخارجيّة فللشخص الخارجي ، والجزئيّات الذهنيّة فللشخص الذهني ، والكلّيات فللماهيّات من حيث هي ، حكاه بعض أجلّة السادة عن المتأخّرين ، واختاره قائلا : " بأنّه الحقّ الّذي لا محيص عنه ، ثمّ قال - في آخر كلامه - : ولا يذهب عليك أنّه يمكن رجوع القول بالماهيّة إلى هذا التفصيل ، على أن يكون المراد من الماهيّة ذات الشئ وحقيقته مطلقاً ، كلّيّة كانت أو جزئيّة ، فإنّها قد تطلق على هذا المعنى " . انتهى . وقد يناقش في هذا القول : بأنّه ليس فيما بين الألفاظ الموضوعة ما يكون دالاّ على الجزئيّات الذهنيّة ليلتزم بوضعه للشخص الذهني ، وربّما يقرّر هذه المناقشة : بأنّه ليس فيما بين المعاني ما يكون جزئيّاً ذهنيّاً ليكون اللفظ الدالّ عليه موضوعاً بإزائه . نعم هاهنا معان لا تحصّل لها إلاّ في الذهن ، كالكلّية والجزئيّة والجنسيّة والنوعيّة والفصليّة وغيرها من المعقولات الثانية غير أنّها كما ترى أُمور كلّية لا ينبغي التعبير عنها بالجزئيّات الذهنيّة . وربّما يوجّه بأنّ المعاني الحاصلة في الذهن إذا أُشير إليها باسم الإشارة كانت جزئيّات ذهنيّة بالقياس إلى كلّي المشار إليه ، فيكون اللفظ الدالّ عليه موضوعاً بإزائها على ما يراه متأخّروا أهل العربيّة ، من كون الموضوع له فيه وفي نظائره خاصّاً . وفيه ما لا يخفى ، فإنّ النظر في هذا التفصيل على ما يستفاد من دليله الآتي إلى إناطة جزئيّة الجزئي بوجوده ، على معنى تحصّله في أحد الوعاءين الملازم لتشخّصه بانضمام المشخّصات الخارجة عن حقيقة الفرد ، ومناط جزئيّة الصور الذهنيّة الّتي يقع عليها اسم الإشارة بالتقرير المذكور ليس مجرّد الوجود الذهني ، بل اندراجها تحت كلّي عنوان " المشار إليه " من حيث كونها أخصّ منه ، وإن كانت أعمّ بالقياس إلى ما تحتها ، كما لو كانت ماهيّة جنسيّة أو نوعيّة . وأيضاً فلو كان نظر هذا القائل في قسم الجزئيّات الذهنيّة إلى هذا الفرض ،