وقد يقرّر كما في المفاتيح [1] : بأنّ اللغات لو كانت اصطلاحيّة لجاز تغيّر ذلك الاصطلاح وتبدّله ، بأن يصطلح المتأخّرون على غير ما اصطلح عليه المتقدّمون ، وحينئذ يرتفع الأمان من الشرع ، إذ ما من لفظ إلاّ ويحتمل ذلك ، ولا يمكن أن يستدلّ على عدم حصول التغيّر بعدم ظهوره ، لأنّ عدم الوجدان لا تدلّ على عدم الوجود ، ولا يمكن أن يقال : لو كان لاشتهر بل وتواتر ، وعدمهما يدلّ على العدم ، للمنع من الملازمة ، فإنّ من معجزات النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ما لم يشتهر وما لم يتواتر . وفيه : مع أنّ التوقيفيّة لا تمنع عن تطرّق التغيير إلى اللغات ، كما يرشد إليه وجود الحقائق العرفيّة ، كما هو المصرّح به في كلامهم ، بل المتّفق عليه عندهم ، منع الملازمة إن أُريد حصول التغيّر في الكلّ ، ومنع بطلان اللازم إن أُريد حصوله في البعض النادر ، وكون كلّ لفظ محتملا له على فرض صحّته لا يوجب ارتفاع الأمان من الشرع ، لأنّه يعالج بالأُصول المحكمة المتّفق عليها عندهم ، كيف والاحتمال قائم في أكثر الحقائق العرفيّة ، ولو فرضنا اللغات بحسب الواقع توقيفيّة مع ابتناء الشرع عليها ، ولم يذهب إلى وهم كونه منشأ للإشكال . وعن أبي هاشم الاحتجاج بوجهين : أحدهما : قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه ) [2] فإنّه يدلّ على سبق وضع اللغة على الإرسال ، فلو كانت اللغة بالتوقيف الّذي لا يتصوّر إلاّ بالإرسال ، لزم سبق الإرسال عليها وهو محال . وبعبارة أُخرى : أنّ الآية دلّت على سبق اللغة على الإرسال ، فلو كانت توقيفيّة لزم سبق الإرسال عليها واللازم باطل لكونه محالا ، أمّا الملازمة : فلتوقّف التوقيف على الإرسال المستلزم لتوقّف اللغة عليه ، ومن المعلوم أنّ كلّ موقوف مسبوق على الموقوف عليه ، وقد فرضنا فيما نحن فيه كونه سابقاً . وفيه : منع انحصار طريق التوقيف في الإرسال ، لجواز حصوله بغير الوحي