بما هو خارج عن محلّ البحث - كما تقدّم إليه الإشارة في صدر المبحث - لورد عليه كون محلّ الاستدلال أيضاً ممّا هو خارج عن محلّ البحث ، لكون التسمية المذكورة في الآية من باب التسمية في الأعلام . وثانياً : منع كون توجّه الذمّ إليهم من جهة إعراضهم في التسمية عن جهة التوقيف ، بل لأجل أنّهم إنّما كانوا يعبدون مجرّد الأسماء ، حيث إنّ مسمّياتها لعدم كونها إلاّ جمادات لا يترتّب عليها شئ من آثار المعبود ، أو من جهة أنّهم سمّوا هذه المسمّيات بأسماء لا يستحقّها إلاّ المعبود بالحقّ . وممّا احتجّ به أيضاً ، قوله تعالى : ( ما فرّطنا في الكتاب من شئ ) [1] ( ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شئ ) [2] بتقريب : أنّ العموم في الآيتين يتناول اللغات أيضاً . وفيه : الجزم بعدم ورود بيان اللغات في الكتاب حسبما هو طريقة أهل اللغة في كتبهم ، مع أنّ الكتاب إنّما نزّل بعد شيوع اللغات وانتشارها بأزمنة متطاولة ، فلا يعقل ورود بيانها فيه على وجه يكون هو المرجع لأهل كلّ لغة في الأخذ بها . وممّا احتجّ به أيضاً ، أنّه لو كانت اللغات اصطلاحيّة لزم الدور أو التسلسل ، فإنّ الاصطلاح لا يتمّ إلاّ بمعرفة كلّ من المصطلحين قصد صاحبه ، ولا تكون إلاّ باللفظ أو الكتابة الموقوفين على الاصطلاح ، فإن اتّحدا لزم الدور ، وإلاّ فالتسلسل . وفيه : منع توقّف معرفة القصد على أحد الأمرين الموقوفين على اصطلاح آخر ، لجواز استنادها إلى الترديد والقرائن إن احتيج إليها في بدو زمان حدوث الاصطلاح مع جهل المخاطب بالمصطلح ، وإلى علمه به إن احتيج إليها بعد استقراره وعلم الكلّ بحدوثه . وممّا احتجّ به أيضاً : أنّ انتفاء التوقيف يستلزم إمكان تطرّق التغيير إلى الشرائع بتغيير لغاتها مع عدم الاشتهار ، والتالي ضروري البطلان .