المحصول [1] وحكاه في النهاية [2] عن جمهور المحقّقين واستقربه ، وإن قوّى القول بالتوقيف أيضاً [3] ، فقالوا بإمكان الجميع عقلا ، وفقدان ما يوجب العلم ببعض ما ذكر على جهة التعيين فلابدّ من الوقف . والسادس : إلى أكثر المتأخّرين منّا ومن العامّة ، وصار إليه ابن الحاجب [4] وهو المعتمد تعويلا على ما سيجيء من آية اختلاف الألسنة ، وظاهر أنّ معقد هذا الخلاف ومورد تلك الأقوال هي الموضوعات الأصليّة الّتي لم يطرأها نقل ولا ارتحال ، ولا تطرّق إليها تغيير وإبدال ، وأمّا غيرها من المنقولات الشرعيّة والعرفيّة العامّة أو الخاصّة والأعلام الشخصيّة فلا ينبغي الاسترابة في كونها من موضوعات البشر ، وليس المراد بالوضع المتنازع في واضعه مجرّد تأليف الحروف المفردة وضمّ بعضها إلى بعض ، وإن أوهمه بعض الوجوه الآتية المقامة على التوقيف ، بل جعل المؤلّفات بإزاء معانيها ، ولو قيل بالملازمة بين التأليف والجعل ، على معنى كون المؤلّف هو الواضع على كلا قولي التوقيف والاصطلاح لم يكن بعيداً ، فيكون النزاع في الجعل الّذي يلزمه النزاع في التأليف تبعاً مع الاتّفاق على الملازمة ، وليس في المسألة أصل يعتمد عليه ، من أصل العدم وأصالة التأخّر ، للقطع بحدوث ما حدث ، والشكّ في تعيين مُحدِثه من دون أن يرجع إلى بدو زمانه . نعم قد يقرّر الأصل بمعنى الغلبة لكلّ من التوقيف والاصطلاح ، أمّا على الأوّل : فبناء على أخذ وضع اللغات من مقولة إيجاد الكائنات وخلق الموجودات . وأمّا على الثاني : فبناءً على جعله من مثابة تأليف الموادّ البسيطة الّتي أصل
[1] المحصول في علم الأُصول 82 : 1 . [2] نهاية الوصول إلى علم الأُصول : الورقة : 15 ( مخطوط ) حيث قال : والجمهور من المحقّقين توقّفوا هنا وهو اختيار القاضي أبي بكر والغزّالي . [3] نفس المصدر . [4] حيث قال : فالأقرب التوقف وتجويز كلّ منهما وإن كان التوقيف أقوى . ( نهاية الوصول إلى علم الأُصول ) : الورقة 16 ( مخطوط ) .