بواسطة النار ليس بسديد ، لما قيل - ونعم ما قيل - من عدم كون النار ولا مماسّتها واسطة في عروض الحرارة للماء وإن كانت واسطة في ثبوتها له ، لأنّ الواسطة في العروض ما يكون العارض عارضاً له في الحقيقة ولا يكون عارضاً لغيره كذلك ، بل لو عرض الغير كان ذلك بتوسّطة عروضه الواسطة ، لا بمعنى أنّ هناك عروضين بل عروض واحد منسوب إلى الواسطة أوّلا وبالذات وإلى الغير ثانياً وبالعرض ، ومعلوم أنّ الحرارة العارضة للماء عارضة للنار بعروض غير عروضها للماء ، وهما عروضان متمايزان ، فليس العارض في المثال المذكور مندرجاً في الأعراض المعتبر معها الواسطة في العروض . وربّما ينكر وفاقاً للمتأخّرين المسقطين للواسطة المبائنة عن البين رأساً ، وجود هذا القسم من الواسطة ، بدعوى : عدم جواز كون الواسطة أمراً مبائناً وعلّة ، [1] تارةً بأن يقال - في وجه الحصر المتقدّم - : إنّ العرض إمّا أن يلحق الشئ لا بتوسّط لحوق شئ آخر له أو بتوسّطه ، والواسطة إمّا داخلة أو خارجة إلى آخر الأقسام ، فعلى هذا لا يمكن أن يكون الواسطة مبائنة ، لأنّ المبائن لا يلحق الشئ . وأُخرى : بأنّ الوسط - على ما عرّفه الشيخ [2] - ما يقترن بلام الغاية التعليليّة حين يقال : " لأنّه كذا " فلابدّ من اعتبار الحمل ، والمبائن لا يحمل . ويندفع الأوّل : تارةً بمنع أخذ العرض في المقسم بالمعنى المذكور ، القاضي بلزوم كون الواسطة أيضاً ممّا يلحق المعروض ، بل الواجب أن يقال : إنّ العرض إمّا أن يلحق الشئ لا بواسطة لحوقه لغيره أو يلحقه بواسطة لحوقه للغير ، إلى آخر الأقسام . ولا ريب أنّ كون الغير ممّا يلحقه العرض أعمّ من كونه بنفسه ممّا يلحق المعروض وعدمه ، فيندرج فيه ما يلحق بواسطة المبائن .
[1] هكذا في الأصل . [2] وفي الأصل " الشئ " والصواب ما أثبتناه ، بقرينة ما سيأتي منه في اندفاع هذا الوجه ، بقوله : " بأنّ الوسط الّذي عرّفه الشيخ . . . الخ " .