وعلى ثانيهما ما هو من أفراد جزء هذا المعنى الكلّي ، وهو الذات المخصوصة المعرّاة عن وصف الابتناء عليه ، الّتي هي نفس المسائل أو التصديق بها أو ملكة التصديق بها كما هو واضح . ثمّ ينبغي أن يعلم أنّه على أوّل الوجوه المذكورة وكذا على ثانيهما لا يجوز أخذ " الأُصول " من هذا المركّب بمعنى الراجح ، ولا بمعنى الاستصحاب كما هو واضح ، ولا بمعنى الدليل لعدم كون هذا العلم عبارة عن ذات الأدلّة ، بل هو باحث عن أحوال الأدلّة وعوارضها الذاتيّة . ومن البيّن عدم شمول " الأُصول " بمعنى الأدلّة لأحوالها والمسائل المتعلّقة بها ، وأمّا القواعد فيمكن أخذه بمعناها ، على تقدير حمل " الفقه " على التصديق أو الملكة كما لا يخفى . ومن الفضلاء [1] من جوّز ذلك تعليلا بأنّ مسائل هذا العلم قواعد للفقه ، بعدما قال : بأنّه لم يقف على من يذكره ، لكنّك خبير بأنّ ذلك إنّما يستقيم إذا كان " أُصول الفقه " باعتبار معناه العَلَمي اسماً لنفس المسائل وهو خلاف التحقيق ، فمورد الإطلاق حينئذ لابدّ وأن يؤخذ بمعنى ملكة التصديق بهذه المسائل ، وعليه فلا يمكن أخذ " الأُصول " بمعنى القواعد في إطلاقه عليها بأحد الوجهين المذكورين ، من كونه من باب إطلاق الكلّي على الفرد ، أو من باب النقل إلى ما اعتبر معه المعنى التركيبي الإضافي . فالمتعيّن حينئذ أخذ " الأُصول " بمعناه اللغوي وهو المبتنى عليه بالخصوص ، دون غيره من المعاني المتقدّم ذكرها ، لما عرفت في مفتتح الباب . فإنّ ملكة هذه المسائل أيضاً ممّا يبتنى عليه الفقه ، كما إنّ المسائل بأنفسها والتصديق بها أيضاً ممّا يبتنى عليه الفقه " فأُصول الفقه " بعموم مفهومه حينئذ يشمل جميع مسائل هذا العلم ومبادئه اللغويّة والأحكاميّة وغيرها ، بل يشمل أدلّة الفقه الّتي هي موضوع هذا العلم .