ضرورة صدق اسم " الفقيه " بالملكة على المفروض ، ولو أُريد به ما يلزم بالنسبة إلى الأعمّ منه ومن العامي ، الّذي في حكمه العالم الممارس في غير ذلك الفنّ فالملازمة ممنوعة ، لكونها ناشئة عن القياس مع الفارق ، إذ العامي بالمعنى الأعمّ فاقد للقوّة المذكورة . ولك أيضاً أن تختار الاحتمال الثالث وتدفع انتقاض العكس ، بأنّه إنّما يلزم إذا أُريد " بالإمكان " فيما يمكن استنباطه الإمكان الذاتي ، الغير المنافي للامتناع العرضي الناشئ عن ضعف القوّة ، وهو غير لازم بل غير ظاهر من لفظ " الإمكان " لظهوره في الإمكان الفعلي الغير المجامع للامتناع العرضي ، فعلى تقدير كونه مراداً لا يخرج الفقيه المفروض ولا أحد من الفقهاء عن الحدّ ، لعدم كون الحكم المفروض حصول استنباطه في أواخر العمر ممّا يمكن استنباطه فعلا من أوّل الأمر ، لدخوله فيما يمتنع استنباطه حينئذ امتناعاً عرضيّاً ، نظراً إلى أنّ الإمكان فيما يستنبط من الأحكام عن الأدلّة كالملكة له مراتب مختلفة في قلّة المتعلّق وكثرته ، ينشأ اختلافها عن اختلاف مراتب الملكة في الضعف والقوّة ، فإمكان الاستنباط في كلّ مرتبة إنّما يلاحظ بحسب مرتبة الملكة . وممّا يناقش به في المقام عدم إمكان الجمع بين هذا الجواب عن الإشكال الأوّل وما سيأتي من الأجوبة في دفع الإشكال الثاني ، فإنّ مبنى هذه الأجوبة - على ما ستعرف - على اعتبار العلم بمعنى الإدراك الظاهر في الفعل ، ومبنى الجواب المذكور على أخذه بمعنى القوّة . ومن البيّن أنّ الفعل والقوّة متقابلان فلا يمكن اجتماعهما في محلّ واحد ، والمفروض أنّ الحدّ لا يسلم إلاّ بدفع الإشكالين معاً ، وهو يقضي بالجمع بين الجوابين وهو غير ممكن كما عرفت ، هذا مع ما يلزم على تقدير الجمع بين الجوابين بالقياس إلى وجوه الجواب عن الإشكال الثاني من كون العلم في جنس الحدّ مستعملا في معنييه الحقيقي والمجازي ، أو في معنييه المجازيّين وهو إمّا غير جائز أو في غاية المرجوحيّة الّتي لا يلتزم بها في الحدود .