من الأدلّة الخاصّة والعامّة ، كما أنّ لك ان تختار الاحتمال الثاني ، مع منع الملازمة المدّعاة تارةً ، ومنع بطلان اللازم أُخرى . وتوضيحه : أنّ ما فرض من ورود الأخبار الظاهرة الواضحة الدلالة في كلّ حكم ، إن أُريد به ما بلغ في الظهور والوضوح إلى حيث لم يكن الحاجة في استفادة المطلب منها ماسّة إلى إعمال النظر ولا مراعاة طرق الاستدلال ، فهو مع أنّه في غاية البعد بل لا يكاد يتحقّق في العادات ، غير قادح في سلامة الحدّ بخروج من يستفيد الحكم بهذا الطريق عن الحدّ ، بملاحظة قيد " عن أدلّتها " الظاهر في كون العبرة في الفقيه بقوّة يستتبع إدراك الأحكام بطريق النظر والاستدلال ، مع توجّه المنع من شمول العلم بمعنى الملكة لمثل هذه القوّة وصاحبها . وإن أُريد به ما لم يبلغ تلك المرتبة من الظهور والوضوح ، على معنى توقّف استفادة المطلب عن الأخبار المفروضة على إعمال النظر ومراعاة طرق الاستدلال ، فدعوى انتقاض الطرد بما يلزم من تكثّر أُولى الملكات غفلة عن معنى الملكة ، الّتي قدّمنا شرحها وكونها مرادة في المقام وهي القوّة الراسخة الناشئة عن الممارسة في الفنّ ، والاطّلاع الإجمالي على مسائله ، والاشتمال على المبادئ المتوقّف حصولها على الخبرة بفنون كثيرة عمدتها العلوم العربيّة وعلم أُصول الفقه ، والتمكّن من إعمالها حين مراجعة الأدلّة . ولا ريب أنّ الكثير من الأفهام وقاطبة العوام فاقدون لتلك القوّة ، ومعه كيف يقال باندراجهم في الحدّ الّذي يراد من جنسه الملكة الموصوفة ، ومع هذا فلو فرض أُولوا الملكات المتكثّرة من بلغ قوّتهم المرتبة المذكورة فلا مانع من تكثّرهم ، بل ولا مانع من حصول تلك الملكة لأهل العالم بأجمعهم ، لكونهم حينئذ من أفراد المحدود ، فالواجب اندراجهم في الحدّ لا خروجهم عنه . والحاصل : إنّ المراد بالقوّة في تفسير الملكة هي القوّة القريبة من الفعل ، الغير الحاصلة لغير العالم الممارس في الفنّ ، فلا وجه للنقض بتكثّر أُولى الملكات ، لأنّه لو أُريد باللازم ما يلزم بالنسبة إلى العالم الممارس في الفنّ فبطلان اللازم ممنوع ،