المطلوب من الدليل إجماليّاً كان أو تفصيليّاً ليس إلاّ ما كان ملزوماً للاعتبار ، فإنّ المكلّف مجتهداً كان أو مقلّداً لا يرجع إلى الدليل إجماليّاً كان أو تفصيليّاً إلاّ بعد إحراز كبرى كلّية ، وهي كون كلّ ما أدّى إليه الاجتهاد أو كلّما أفتى به المفتي [ فهو ] حكم الله الفعلي في حقّه ، وهي كما ترى تفيد اعتبار ما يحصل لهما من العلم عن الدليل المفروض على أحد الوجهين ، فمنظوره في الرجوع إلى الدليل حينئذ إحراز صغرى تنضمّ إلى تلك الكبرى الكلّية . ومن المعلوم أنّ الصغرى ممّا لابدّ له من مستند ، كما أنّ العلم المطلوب فيها لابدّ له من مدرك ، وهذا المستند هو الدليل الّذي يرجع إليه ، فإن كان أدلّة تفصيليّة كان العلم المأخوذ في النتيجة المتولّدة عن الصغرى المنضمّة إلى الكبرى المذكورة " فقهاً " وإن كان دليلا إجماليّاً وهو فتوى المفتي ورأيه واعتقاده كان العلم المأخوذ في النتيجة المتولّدة عن المقدّمتين المذكورتين خارجاً من الفقه . فالعلم المطلوب في تلك النتيجة إنّما يطلب حصوله عن الأدلّة التفصيليّة أو الدليل الإجمالي وهو ملزوم للاعتبار ، وكون الاعتبار من لوازمه المستندة إلى أدلّة كبرى هذا القياس لا ينافي كونه في حدّ ذاته حاصلا عن الأدلّة التفصيليّة أو الدليل الإجمالي اللذين يحرز بهما صغرى هذا القياس ، نظراً إلى أنّ الأدلّة التفصيليّة أو الدليل الإجمالي يراد بهما في الحقيقة ما يحرز به الصغرى ، ومعنى استناد النتيجة إليهما استنادها باعتبار استناد الصغرى إليهما ، ووصف الاعتبار إنّما حصل بغير هذا الاعتبار فلا منافاة ، والقياس المذكور إنّما ينتظم بعد إعمال النظر في دليلي الكبرى والصغرى ، لا أنّه بنفسه دليل للعلم أو على اعتباره . وبالجملة : نتيجة هذا القياس إنّما تسمّى مسألة فقهيّة باعتبار كون البحث فيها عبارة عن طلب إحراز صغرى بالنظر في الأدلّة التفصيليّة ، فكلّ نتيجة يكون البحث فيها عبارة عن طلب إحراز الصغرى بالنظر في الدليل الإجمالي لا الأدلّة التفصيليّة ، فليست من المسألة الفقهيّة . وعن الرابع : بمنع صحّة استناد خروج علم المقلّد إلى قيد " أدلّتها " لأنّه لا يتمّ