لفظ " الفقه " بالخصوص اسماً لملكة هذا العلم ، كما هو قضيّة بنائهم دفع الإشكال الآتي الوارد على عكس التعريف من جهة خروج أكثر الفقهاء على ذلك ، فلا نضائقه إلاّ أنّه يشكل الحال حينئذ من وجهين : أحدهما : ما ينشأ من تعلّق مدخول " الباء " بالعلم ، فإنّ الملكة ليست من معاني الأفعال ليصحّ تعلّق الظرف وما في حكمه بها . وثانيهما : ما ينشأ من ظهور رجوع ظرف " عن أدلّتها " إلى العلم ، فإنّه يقضي بحصول العلم عن الأدلّة التفصيليّة ، والملكة إنّما تحصل عن الممارسة في الفنّ لا عن الأدلّة . ولكن يسهل دفعه في كلا الوجهين ، بأنّ الملكة المرادة من لفظ " العلم " عبارة عن الملكة الّتي يقتدر بها على العلم بالأحكام عن الأدلّة ، فهو مفهوم مركّب عمّا يصحّ تعلّق الظرف وما في حكمه به ، وهو العلم بمعنى التصديق الجازم ، وهذا هو الّذي يقدّر حصوله عن الأدلّة ، لا أصل الملكة من حيث إنّها هيئة راسخة في النفس ، فلا إشكال أصلا . [ 5 ] قوله : ( بالأحكام . . . الخ ) جمع مفرده الحكم ، وهذا أيضاً يطلق على معان : منها : الإلزام الّذي يتداوله العرف الكاشف عن اللغة ، فإنّه المتبادر من إطلاقاته عرفاً ، يقال : حكمت عليه بكذا ، أي ألزمته عليه . ومنه ما يُسند إلى حكّام الجور من سلطان ووُلاته ، وما يسند إلى حكّام الشرع في رفع الخصومات ، ويعتبر في الحكم بهذا المعنى أُمور : أوّلها : كونه من مقولة الإنشاء فلا يتناول الإخباريّات . وثانيها : كون الإنشاء على وجه الحتم تعلّق بفعل شئ أو تركه ، فلا يصدق على ما لا حتم فيه . وثالثها : علوّ رتبة الحاكم شرعاً أو عرفاً بالنسبة إلى المحكوم عليه ، فلا يطلق على الزامات الداني والمساوي .