ولهذا فما يقال من أن محمولات العلم - التي هي محمولات المسائل عينا - لابد وأن تكون عرضا ذاتيا لموضوعه [1] مما لا يمكن تصديقه إذا أريد بالعرض الذاتي مصطلحه الفلسفي ، أعني العرض الخارج عن الذات الذي يكفي الذات ، أو ما يساوي الذات لانتزاعه ، فإن الأمور الاعتبارية التي قوامها باعتبار المعتبر لا يتصف بها الموضوع ولا تحمل عليه ، إلا بعد جعلها من ناحية من بيده جعلها . ولعله لهذه الجهة فسر العرض الذاتي في الكفاية بما يعرض حقيقة على الشئ نفسه ويحمل عليه ، بلا تجوز في الإسناد [2] وإن كان لاتصاف الموضوع به علة خارجية ولم يكن الذات ولا ما يساويها كافية لانتزاعه . إذا عرفت هذا نقول : ظاهر عبارة الكفاية - حيث حكم بأن موضوع العلم هو نفس موضوعات المسائل متحد معها اتحاد الكلي الطبيعي ومصداقه ، - [3] أنه لابد لكل علم من موضوع واحد ، إلا أنه لم يشر إلى دليل على هذه الدعوى . وقد يذكر في بعض الكلمات [4] أنه مستند إلى قاعدة " أن الواحد لا يصدر إلا عن الواحد " . وتقريبه : أن كل علم له غرض واحد ، والغرض بالنسبة للعلم هو أثره عينا ، فهذا الأثر الواحد أثر للمحمولات المتعددة التي هي محمولات المسائل ، ولما كان الواحد لا يصدر إلا عن الواحد فللمحمولات كلها جهة واحدة هي المؤثرة في أثر العلم ، والغرض منه . ثم إن المحمولات كلها وبما لها من الجامع الواحد أعراض للموضوعات وآثار لها ، فلا بد وأن يكون للموضوعات أيضا جهة جامعة واحدة يصدر عنها المحمول الواحد الذي يكون دخيلا ومصدرا للغرض الواحد المذكور . هذا . وفيه أولا : أن القاعدة المذكورة أصلا وعكسا - أعني " الواحد لا يصدر الا عن الواحد والواحد لا يصدر عنه الا الواحد " - مختصة بالواحد الشخصي البسيط
[1] الكفاية : ص 21 طبع جماعة المدرسين . [2] الكفاية : ص 21 . [3] المصدر السابق نفسه . [4] كما في نهاية الدراية : ج 1 ص 21 - 22 طبع آل البيت ( عليهم السلام ) .