وإلا فلا تضاد بمصطلح الفلسفة بين الأحكام التي هي أمور اعتبارية متعلقة - بمعنى أعم للتعلق - بفعل المكلف . وهكذا الأمر لو قلنا بمعاندتهما ذاتا ولولا بملاحظة مبادئهما كما قويناه ، فإن النهي وإن كان مقتضيا لترك جميع أفراد المنهي عنه ، إلا أن الأمر إنما يدعو إلى صرف الوجود ، وإذا كان متعلقه الطبيعة بها انها طبيعة ولا يتعلق بهذيتها ، فهذا الأمر لا يقتضى لزوم اتيان هذا الفرد بحيث لا يكون للمكلف حق تركه ، ومعه فلا معاندة بين النهي وبين الأمر المتعلق بالطبيعة بهذا النحو . وحينئذ نقول : إن وجداننا إنما يحكم بامتناع تعلق الحب والبغض بالشئ الواحد ، إذا كان بعنوان واحد ، لا ما إذا تعدد العنوانان ، والسر فيه أن متعلق الحب هو نفس طبيعة الصلاة أو فرد ما منها ، من غير أن يتعلق بخصوص فرد أصلا ، فالحب وبتبعه الوجوب وإن تعلق بنفس ما يصدر عن المكلف - بالمعنى الذي عرفت من التعلق في بحث تعلق الأمر بالطبائع - إلا أنه إنما يتعلق به بما أنه وجود الطبيعة أو وجود فرد ما منه ، من غير أن يتعلق بخصوصية من خصوصياته ، حتى أنه لا يتعلق بهذيته وشخصيته ، كما مر بيانه مفصلا في ذلك المبحث ، ومعه فلا نرى في الوجدان أن نبغض شيئا بما أنه من طبيعة خاصة ، ونحبه بما أنه من طبيعة أخرى ، بعد ما كان الحب أو البغض يتعلق بوجود الطبيعة ، بما أنه وجودها . وبالجملة فحقيقة مقوم صفة الحب والبغض وجود نفسي لمتعلقيهما ، وتعلقهما ليس بمعنى عروضهما لمتعلقهما ، كما عرفت ، والوجدان إنما يمنع عن وحدة متعلقهما مع وحدة العنوان لامع التعدد ، فالحق بعد تسليم جميع المقدمات أيضا هو جواز الاجتماع . هذا أحسن الوجوه التي عثرنا عليها فيما قيل للامتناع ، وقد عرفت حاله ، وهنا وجوه اخر مذكورة في بعض الكلمات ، والمتأمل فيما بيناه يقدر على دفعها وتوضيح الغلط الواقع فيها ، إلا أنه لمزيد الايضاح نذكر بعضا منها : فمنها : أن لازم الاجتماع تكليف المكلف بفعل شئ وتركه ، وهو تكليف