الاطلاق ، والتخصيص بحكم العقل ، إنما ورد على إطلاق الهيأة ، ولا يكون حجة على خلاف مقتضى إطلاق المادة . قلت : صرف إطلاق المادة لا يكون حجة على تعلق الغرض بها إلا بملاحظة تعلق البعث بها ، حيث إن المولى لا يبعث إلا إلى ما يقوم به غرضه ، فإذا خصص خطابه وبعثه في مورد العجز ، واحتمل عدم بقاء الغرض ، فأي حجة على قيام المادة بالغرض " انتهى " . أقول : ويمكن أن يقال عنهم : أولا إنه لو عرض العجز بعد دخول الوقت واستمر إلى آخره ، فبناء على ما عرفت من كفاية القدرة على فرد في القدرة على الطبيعة ، فمتعلق التكليف زمن القدرة نفس الطبيعة بلا قيد ، ومن اطلاقها هناك نستكشف قيام الملاك بالطبيعة ولو في زمن عجزه ، فلا يجوز تحصيل العجز ولا الرجوع إلى البراءة حينئذ - ولو مع قطع النظر عن الاستصحاب - وإذا كان الأمر بهذا المنوال من قيام الملاك بالطبيعة ، ولو مع العجز هاهنا ، يلغي الخصوصية عنه عرفا ، ويعلم بكونه كذلك في سائر الموارد . وثانيا : أن المسلم عند العقلاء أنفسهم أن موارد العجز إنما يجوز الخلاف مع بقاء الملاك ، فيحكمون بأن الموارد الشرعية أيضا كذلك ، وأنه لا فرق بينهما بلا إشكال ولا تأمل . وثالثا : أن قوله تعالى : * ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) * [1] يدل على نفي تكليفه تعالى بما فوق وسع المكلف ، وهو يعم الحرج وغير المقدور ، ومثله قوله تعالى * ( ولا نكلف نفسا إلا وسعها ) * [2] وقوله تعالى : * ( لا نكلف نفسا الا وسعها ) * [3] ولا سيما إذا روجعت الأخبار الواردة في هذا المضمار كمعتبر حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ففيه : " وكل شئ أمر الناس به فهم يسعون له ، وكل شئ لا يسعون له فهو موضوع عنهم " [4] الحديث .
[1] البقرة : 286 . [2] المؤمنون : 62 . [3] الأنعام : 152 والأعراف : 42 . [4] الكافي : ج 1 ص 165 ، باب حجج الله على خلفه الحديث 4 .