في أن وجه مقدمية عدم الضد إنما هو مانعية وجوده ، وحيث إن التمانع ومقدمية العدم من الطرفين ، فالمانعية بنفسها مساوقة للدور ومستحيلة ، وذلك بعد مسلمية أنه ليس لشئ واحد إلا وجود واحد وعدم واحد ، أن الضد المانع موقوف ومتأخر عن عدم ضده - بمقتضى مقدميته - وعدم ضده - بما أنه عدم الممنوع - . موقوف على الضد المانع ، وهو دور صريح مستحيل بالذات ، فاستناد العدم إلى وجود الضد محال بالذات . وحينئذ فلو كان اجتماع المقتضى والضد الآخر محالا بنفسه ، وفرض وقوع هذا المحال - كما هو مفاد مقدم الشرطية - لما ترتب عليه وقوع محال آخر هو أيضا بنفسه محال ، أعني استناد عدم الضد الآخر على وجود الضد المفروض ، وذلك لما تحقق في محله أن الشرطية اللزومية إنما تنعقد بين ما يكون بينهما علاقة العلية والمعلولية أو المعلولية لثالث ، وإلا فإن لم يكن بين الشيئين علاقة وارتباط أصلا فكيف يقتضي فرض خصوص أحدهما تحقق الآخر ، وفيما نحن فيه حيث إن التالي بنفسه محال ، وليس المقدم من معاليله فسواء كان المقدم ممكنا أو محالا ، لا يكاد يقتضي فرض تحقق المقدم أن يتحقق محال لا يرتبط استحالته ولا تحققه بتحقق المقدم ، وإنما يتحقق التالي فرضا لو فرض تحققه بنفسه ، إلا أن فرض تحققه لا يثمر للمدعي ما رامه ، إذ فرضه فرض المانعية الشأنية ، وهو لا يقتضي فعلية المقدمية ، وإنما يقتضي المقدمية الفرضية ، يعني لو فرض المقدمية فالمقدمية ثابتة ، وهذا غير مجد للمدعى ، وإلا لكان كل ما ليس بمقدمة مقدمة . وهذا الذي فصلناه هو مراد المحقق صاحب الكفاية ، مما أفاده في الحاشية بقوله ( قدس سره ) : " مع أن حديث . . . إلى آخره " فلا يرد عليه ما في نهاية الدراية أصلا ، كيف وهذا الذي فصله صاحب النهاية هو بعينه ما أجمله ( قدس سره ) بقوله : فليكن المقتضى لاستناد عدم الضد إلى وجود ضده فعلا عند ثبوت مقتضى وجوده هو الخصوصية التي فيه الموجبة للمنع عن اقتضاء مقتضيه ، كما هو الحال في كل مانع . " انتهى " . لكنه ( قدس سره ) أفاد : أن مانعية الضد مستحيلة بقوله عقيبه : وليست في الضد تلك