علته التامة بنحو العموم المجموعي ، إذ هذا المجموع سبب لتحقق مبغوضه الذي يفر عنه ، فهنا بغض غيري واحد تعلق بالمجموع من حيث المجموع ، فهو حرام بحرمة واحدة ، ولازمه انحصار محققه في الجزء الأخير ، ولذلك فإن تحققت علة الحرام بقول المولى : يا ليته لم يتحقق إحدى المقدمات لا شئ منها فعلية . فإن كان من المسببات التوليدية فسببه حرام غيري من باب انحصار الجزء الأخير فيه ، وإلا فجزؤه الأخير عزم المكلف وحملة نفسه ، وقد عرفت آنفا وسابقا أن مثل هذه المقدمات لا يتعلق بها تكليف بعثي ولا زجري . إلا أن الشيخ الأعظم ( قدس سره ) - على ما في التقريرات [1] - اختار حرمة المقدمات بنحو العموم الاستغراقي ، لكنه - بناء على ما مر منه مفصلا في مقدمة الواجب - لما اعتقد كون موضوع الحكم المقدمي عنوان المقدمة ، ورأى احتياجها في وقوعها على وصف الوجوب أو الحرمة إلى أن يقصد المكلف هذا العنوان ، ورأى أن قصده إنما هو بقصد التوصل بها إلى ذيها ، فلذلك كله قال : بأن الواجب هناك ما قصد التوصل به إلى ذي المقدمة ، والحرام هاهنا ما قصد به التوصل إلى ذيها . وهذا المعنى ظاهر كلامه هناك ، وصريحه في ما نحن فيه ، وحينئذ فمن العجب أن المحقق صاحب الدرر بنى هذه المقالة - أي حرمة خصوص ما قصد به التوصل مطلقا - على القول بحرمة التجري وأخرجها عن الحرمة المقدمية [2] وتبعه فيه بعض المحققين في بحثه على ما في تقريراته [3] فراجع . نعم ، مبنى مقالته هذه مقدمات كلها ممنوعة كما عرفت من بياناتنا سابقا وآنفا . وقد فصل في الدرر بين ما كانت مبغوضية الحرام مطلقا وإن صدر بلا إرادة ، وما كانت متوقفة على صدوره بالإرادة ، ففي الأولى يكون إحدى المقدمات
[1] التقريرات : ص 94 - 95 . [2] الدرر : ج 1 ص 132 - 130 من طبعة جماعة المدرسين . [3] نهاية الأفكار : ج 1 ص 357 .