إرادة ، فلا معنى للبعث إلى مالا يقوم به الغرض . وفيه : أن هذا يمنع عن توجه الأمر النفسي ، وأما الأمر الغيري المنشأ للغرض الغيري القائم بالإرادة أيضا فلا مانع من تعلقه بالإرادة . ومما ذكرنا تعرف مواقع النظر في كلمات صاحب النهاية " قدس الله نفسه الزكية وجزاه الله عن حملة العلم خير الجزاء " . هذه عمد الإيرادات ، وقد عرفت سهولة دفعها ، وهنا إيرادات اخر لا تليق بالتعرض لها ولجوابها . ثم إن صاحب الفصول استدل لإثبات مرامه بأن العقل لا يأبى من أن يقول الآمر الحكيم : أريد الحج وأريد المسير الذي يتوصل به إلى فعل الواجب دون ما لم يتوصل به إليه ، بل الضرورة قاضية بجواز تصريحه بمثله ، كما أنها قاضية بقبح تصريحه بعدم مطلوبيته مطلقا أو على تقدير التوصل ، وذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه ووجوب مقدماته الغير الموصلة . انتهى [1] . ومراده ( قدس سره ) أنه بعد القول بوجوب المقدمة ، فلو كان مطلق المقدمة واجبا لما كان له نفي وجوب غير الموصلة بعد كونها من مصاديق الواجب ، كما لم يكن له نفي وجوب الموصلة أو مطلق المقدمة ، وليس مراده أن يحرم غير الموصل حتى يورد عليه - كما في الكفاية وغيرها - أن عدم وجوبها لأجل المانع كما إذا كان للانقاذ الواجب طريقان أحدهما محرم ، فلا يجب هو ، بل خصوص المباح ، فلا حاجة إلى الاعتذار بأن غرض الفصول ابطال دعوى استحالة وجوب الموصلة ، لا الاستدلال على وجوبها ، - كما في نهاية الدراية - مع أن ظاهر العبارة أنها بصدد اثبات اختصاص الوجوب بخصوص الموصلة ، واخراج غيرها عن حريم المقدمة الواجبة كما لا يخفى . ولو سلم أن مراده ( قدس سره ) الاستدلال من طريق المنع ، وتحريم غير الموصلة ، فما أورده عليه في الكفاية بقوله : " مع أن في صحة المنع عنه كذلك نظرا . . . إلى آخره "