باتيانه بقصد الطاعة ، أمكن القول به هنا أيضا ، غاية الأمر أن الأمر الثاني غيري مقدمي هاهنا ونفسي هنالك ، وإن قيل : بالتعدد بأن يتعلق أمر نفسي بذات العمل ، ثم أمر نفسي آخر بإتيانه بقصد أمره ، فهو مما لا يمكن المصير إليه هاهنا ، إذ المفروض أنه ليس في البين إلا الأمر الغيري ، وليس الوضوء إلا مقدمة واحدة ، فتدبر جيدا . وأما الثاني - أعني إرادة حل خاص بالباب - ففيه احتمالان : أحدهما : دعوى أن نفس الأفعال مقدمة مستقلة فيتعلق بها أمر غيري ، واتيانها بداعي أمرها - مثلا - مقدمة أخرى يتعلق أمر آخر بها . ويرد عليه أنه إذا أتى بنفس الأفعال لا بقصد القربة ، فاللازم سقوط الأمر الأول ، للعلم بحصول متعلقه وغرضه ، فينتفي موضوع الأمر الثاني أيضا ، ولا يمكن امتثاله ، مع أن الواقع في باب الطهارات ليس كذلك . ثانيهما : دعوى أن الوضوء المقيد بالقربة - مثلا - وإن كان مقدمة واحدة إلا أنه يتعلق أمر غيري مقدمي بالذات ، وآخر بإتيانها على وجه العبادة ، وهذا هو الذي فهمه الكفاية ، ولذا أورد عليه بأن الطهارات بأنفسها ليست مقدمة ، فكيف يتعلق بها أمر مقدمي ؟ وغرضه ( قدس سره ) أن الوجدان أصدق شاهد على أنه كما أنه إذا كان للمولى غرض بسيط واحد نفسي ، يأمر بالفعل المحصل له أمرا نفسيا واحدا ، وإن كان فعلا مركبا ، فهكذا إذا كان له غرض مقدمي واحد - كتحصيل الطهارة مثلا - يأمر بمحصله أمرا غيريا واحدا ، لا أنه يأمر بكل جزء من أجزائه إذا كان مركبا أمرا واحدا مستقلا ، فليس للمقدمة مفر ينحل به الاشكال خال عن المحذور ، فلا يرد عليه ما في نهاية الدراية . اللهم إلا أن يقال : إن من رأى حل إشكال التعبدي بأمرين على الوجه الثاني من وجهيه ، حيث لا يمكن جريان حله هذا هاهنا ، فيمكن له أن يقول : لما لم يكن للمولى بد فلا محالة يأمر أمرا مقدميا بجزء المقدمة ، كما قلتم بتوجيه أمره إلى ذات العمل لمكان اللابدية ، وكيف كان فبعد فرض وحدة المقدمة وتعدد الأمر ، فلا محالة إذا أتى بذات الأفعال لا بقصد القربة ، فلا يسقط أمرها مع فرض عدم