نعم ، الاشكال الآخر المذكور في الكفاية من عدم اقتضاء ذلك لقصد الأمر وجعله غاية بل يمكن تحصيل العنوان القصدي المزبور بجعله صفة أيضا . ويرد عليه أيضا أن معنى إتيان الوضوء أو الغسل أو التيمم للوجوب الغيري هو أن يكون المحرك والداعي إلى هذه الأعمال وجوبها الغيري ، بمعنى أنه يغسل وجهه ويديه ويمسح رأسه ورجليه - مثلا - لأن كل منها مأمور به وواجب غيري ، فقصد أمرها لا يستلزم قصد هذا العنوان القصدي المجهول بنحو الاجمال . ويرد عليه أيضا أنه لو كان الأمر على ما ذكر لكان اللازم بطلان الوضوء إذا أتى به بقصد استحبابه النفسي ، اللهم إلا أن يقال : إن الأمر الاستحبابي أيضا متعلق به بهذا العنوان ، لكنه انقلب أمرا غيريا وجوبيا فتأمل [1] لكن يرد عليه أنه لا داعي ولا دليل على القول بهذا الأمر القصدي ، بعد اقتضاء الأدلة لصحة الوضوء - مثلا - إذ أتى بأفعالها بقصد القربة . وأما ما في نهاية الدراية من الايراد عليه ، بأن الأمر القصدي لابد وأن يكون معلوما بالتفصيل ، إذ القصد وإن أمكن توجهه إلى عنوان كلي جامع للأمور القصدية ، إلا أنه مما لا يفيد في حصول العنوان القصدي ، فان المعتبر في حصوله أن يتوجه القصد إلى ما هو بالحمل الشايع عنوان قصدي ، وتبيعه يتوجه إلى الكلي الجامع ، فما لم يعلم تفصيلا لا معنى لحصوله [2] . فمدفوع ، بأن القصد إلى طبيعة العنوان القصدي والجامع بين أمور قصدية كما في تعلق الإرادة به في باب المطلقات وإن لم يكن محصلا لها ، إلا أن الظاهر تحققها إذا قصدها أمرا قصديا بخصوصيته التي هو عليها في الواقع ، وجعل العنوان الجامع مشيرا إليها ، ألا ترى أنه إذا علم أنه عليه خمسة دراهم - مثلا - إما من الزكاة أو الخمس أو الصدقة المنذورة ، أو الدين ، فأعطى للدائن الجامع لشرائط أخذ الثلاث الاخر أيضا خمسة واحدة ، بقصد أن تكون ما هو عليه في نفس الأمر ،
[1] إشارة إلى أن ظاهر التقريرات اعتبار قصد الأمر الغيري لغير اقتضاء عباديته نفس المقدمة ، فراجع . ( منه عفي عنه ) . [2] نهاية الدراية : ج 2 ص 125 - 126 .