فالإطلاق الشمولي مقدم على البدلي ، أما أن إطلاق المادة بدلي ، فلأن المطلوب صرف الوجود المتحقق في ضمن كل فرد ، فلا يجب إلا فرد واحد أي فرد كان ، وأما أن إطلاق الهيأة شمولي ، فلأن مفادها البعث والطلب ، وهو متعلق بالمادة المخصوصة ، وإطلاقها يقتضي تحقق مفادها على جميع التقادير في عرض واحد ، ففي الحقيقة شمولية إطلاق الهيأة من باب شمول الفرد لجميع أحواله ، لا من باب شمول الطبيعة لجميع أفرادها ، فهنا وجوب خاص ثابت في جميع الأحوال والتقادير متعلق بصرف وجود المادة مثلا ، فما أورده سيدنا العلامة الأستاذ - مد ظله - مبني على جعل الإطلاق من قبيل إطلاق الطبيعة لمصاديقها وليس كذلك . وأما وجه تقديم الإطلاق الشمولي على البدلي فهو مذكور في تقريرات بحث بعض الأعاظم ( قدس سرهم ) ونقلوه عنه . والجواب الوحيد عن هذا الوجه : هو منع تقدم الإطلاق الشمولي على البدلي ، كما في تقريراتي لبحث سيدنا الأستاذ - مد ظله - ونهاية الدراية وغيرها ، مضافا إلى اختصاص وجه التقديم بغير ما نحن فيه ، كما هو أيضا مذكور في الكتب . ثالثها : أن تقييد الهيأة وإن لم يستلزم تقييد المادة ، لامتناع تقيدها بقيد الهيأة - كما عرفت في الجواب عن الوجه الأول - إلا أنه لا ريب في اندفاع إطلاقها بتقييد الهيأة ، فإنه لا يبقى لها حينئذ محل بيان بالنسبة إلى القيد المزبور بعد فرض امتناع تقيدها به ، والعمل الذي يندفع به الاطلاق بحكم التقييد - عند العقلاء - في كون كل منهما خلاف القواعد ، وحينئذ فتقيد المادة أو ما بحكمه معلوم ، وتقييد الهيأة مشكوك بشك بدوي ، فيرجع إلى إطلاقها . هذا بيان مراد الشيخ الأعظم ( قدس سره ) مما في التقريرات . وعليه فلا يرد على مقدمته الأولى ما في نهاية الدراية من أن تقييد المادة - في فرض تقيد الهيأة - محال ثبوتا ، فلا وجه لاستكشاف الإطلاق من عدم تقييدها في مقام الإثبات ، حتى يقال : إن تقييد الهيأة لا يبقى مجالا لبيان القيد . وجه عدم الورود ، أن المراد من عدم بقاء مجال لبيان القيد أنه لما كان تقييد