باق إلى وجود شرطه المتأخر ، إلا أنه ما لم يوجد هذا الشرط لا يصل بالمرتبة المرادة ، فإذا وجد شرطه يزول عن المحل مانع ، أو يوجد فيه كمال وقابلية فيستكمل هذا الأثر الموجود ، ويصل إلى الحد المراد ، وهي المصلحة الملزمة ، فصوم المستحاضة - مثلا - يؤثر في النفس أثرا نوريا ليس هي مصلحته الملزمة ، بل هو ناقص عنها لمكان حدثها وقذارتها ، فإذا اغتسلت زالت هذه القذارة عن نفسها ووصل هذا الأثر النوري إلى الحد الكامل المطلوب ، وهكذا الأمر بالنسبة إلى الشرائط المتقدمة ، فإنها توجب حالة صفاء وقبول للنفس - مثلا - باقية إلى امتثال المأمور به ، فإذا أتى به يؤثر فيها الأثر المطلوب . هذا كيفية الأمر في مقام الثبوت . وفي عالم الإثبات وتوجيه التكليف يتوجه الأمر إلى العمل المتعقب بهذا الشرط أو المسبوق به ، من غير لزوم أن يكون وصف التعقب أمرا موجودا من الإضافات المقولية ، وإنما هو طريق إثباتي لإفهام أن الغرض الأصيل لا يحصل إلا إذا وجد الشرط أيضا في ظرفه . والجواب عنه بما في نهاية الدراية - من أن العبادات أمور جعلية ، ورسوم وعادات لا واقعية تكوينية ، فلا بأس بجعل أمر متعقب أو مسبوق بكذا عبادة ، لعدم لزوم وصف وجودي في الأمر المأمور به [1] - وإن كان صحيحا بنفسه دافعا للإشكال من أصله : إلا أن الالتزام بأن جميع العبادات كذلك لعله خلاف ظواهر الأوامر المتعلقة بالأعمال ، حيث إن ظاهرها أنها منبعثة عن المصالح الكامنة فيها . كما أنه خلاف كثير من الأخبار الواردة في سر التشريعات وعللها ، فراجع . وأما ما في الكفاية [2] - سواء أريد به حصول عنوان إضافي للمأمور به ملازم لعنوان إضافي آخر في شرطه المتأخر أو المتقدم ، أم أريد به حصول عنوان في خصوص المأمور به إذا أضيف وقيس إلى شرطه - فيرد عليه : أن هذا العنوان حيث
[1] نهاية الدراية : ج 1 ص 286 . ط المطبعة العلمية . [2] الكفاية : ص 120 .