يستفاد منها الإجزاء بقرينة تعليل الإمام ( عليه السلام ) لعدم إعادة الصلاة به ، وذلك في الصحيحة الثانية لزرارة ، قال زرارة : " قلت : فإن ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك ، فنظرت فلم أر شيئا ، ثم صليت فيه ، فرأيت فيه ؟ قال : تغسله ولا تعيد الصلاة ، قلت : لم ذلك ؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك ، ثم شككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا " [1] . وجه الدلالة أن ظاهر السؤال أنه علم بعد الصلاة بوجود تلك النجاسة التي ظن بإصابتها ، وحينئذ فهو عالم ومتيقن بوقوع الصلاة مع النجاسة ، وظاهر قوله ( عليه السلام ) : " فليس ينبغي . . . إلى آخره " أن إعادة تلك الصلاة في زمان العلم بحقيقة الأمر بعدها أيضا بنفسها ، ومع قطع النظر عن حكم الشارع بعدم انبغاء النقض هذه الإعادة نقض لليقين بالطهارة بالشك ، ومع فرض أنه عالم حينئذ بوقوعها في النجاسة ، وإنما كان شاكا فيه حال الصلاة ، فتدل الرواية على أن المراد بنقض اليقين بالشك أعم من رفع اليد عن الأعمال الواقعة في حال الشك حتى بعد انكشاف الخلاف ، وهو عبارة أخرى عن الإجزاء في الاستصحاب . ومما ذكرنا تعرف أن جميع الوجوه التي ذكروها لتطبيق العلة على المورد حتى ما أفاده سيدنا الأستاذ - مد ظله العالي - في رسائله غير خال عن الإشكال ، وخروج عن الظاهر ، إذ ظاهر الرواية أن تمام العلة هو عدم جواز [2] نقض اليقين بالشك المنطبق بنفسه على إعادته ، بلحاظ حاله التي عليه بعد كشف الخلاف ، وتطبيقه عليها كذلك لا يمكن إلا بإرادة المعنى الأعم المساوق للإجزاء ، وتفصيل الكلام موكول إلى باب الاستصحاب . هذا .
[1] وسائل الشيعة : ب 41 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1061 - 1062 . مع تفاوت يسير . [2] قولنا : " عدم جواز . . . إلى آخره " إشارة إلى رد جواب صاحب الكفاية ، وقولنا : " بلحاظ " إشارة إلى رد ما عن الأستاذ ، ومثله جعل الوجه اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء ، فتدبر جيدا . ( منه عفي عنه ) .