عمله آخر عنه ولو تبرعا . وثالثة يكون محصل غرضه ما يتحقق بسبب المكلف : إما مباشرة ، أو بإلزام آخر به وإتيانه به ولو لم يقصد كونه عنه . ورابعة يكون محصله ما اجتمع فيه الأمران كونه عنه وبتسبيبه فإما أن يأتي به بنفسه ، أو يستنيب آخر يأتي به عنه . وخامسة يكون ما اتصف بأحدهما . وسادسة لا يحصل غرضه إلا بما يأتي به بمباشرة نفسه . ففي الصورة الأولى : الظاهر أن أمر المولى وبعثه يتوجه إلى المكلف نفسه ، من غير اشتراط بشرط عدم إتيان الغير به ، فيوجه التكليف إليه ويجعل الإتيان بالطبيعة وظيفة له ، وكما أن إتيانه بنفسه يوجب سقوط التكليف عنه بالامتثال ، وليس سقوطه تقييدا في إطلاق ثبوت التكليف ، بل سقوطا له بتحقق مقتضاه فكذلك إذا أتى بالمتعلق شخص أجنبي فحيث حصل غرض المولى يسقط أمره عن المكلف بلا تقييد في ثبوته ، بل هو كسقوطه بامتثاله . وهذا الذي ذكرناه ظاهر لمن تأمل أدنى تأمل حال نفسه إذا أمر ولده بإتيان ماء ليشربه فإنه يطلبه منه ويأمره به ، من دون أن يكون أمره به من أول الأمر مشروطا بعدم إتيان غيره إلى آخر الوقت ، بل إتيانه وظيفة له بنحو القطع والبت ، ولا أن يقيد توجيه أمره إليه - بحسب الحدوث والبقاء - بعدم إتيان ذلك الغير ، فما دام لم يأت به هذا الغير يكون مكلفا به ، وإذا أتى به لم يكلف به بقاء باعتبار تقييده به ، بل إنما يكون إتيان الغير كإتيانه به بنفسه مسقطا لتكليفه ووظيفته المتوجهة إليه بنحو البت ، ويكون الغرض من توجيه أمره إلى ولده هذا بالخصوص أن يكون له أحد يؤاخذه على ترك مطلوبه وعدم تحصيل غرضه ، فنحن لا ننكر إمكان اشتراط التكليف بعدم إتيان الغير حدوثا أو بقاء ولو بنحو القضية الحينية ، بل إنما ندعي أن اشتراطه مطلقا خلاف الواقع في العرف الذي مشى الشارع أيضا مشيهم ، وسندنا في هذه الدعوى هو الرجوع إلى العرف والوجدان .